أين الثناء الحسن من الهجاء المُرّ؟ 

-1-
حين أنتشى بالسلطة أحد الحكّام قال :
يا ليتها تدوم لنا، فقيل له على الفور :
لو دامت لغيرك ما وصلت اليك .
وهذه هي الحقيقة التي يجب ان لا ينساها المسؤولون جميعاً على اختلاف درجاتهم وصلاحياتهم .
-2-
والذين يتولون السلطة على نحوين :
الأول :
يروض نفسه ويتعهدها بالمحاسبة والمراقبة فلا يظلم ولا يجور ، ولا يسمح للفاسدين أنْ يعيثوا بالمال العام ، أو استغلال مناصبهم من أَجْل انتفاخ كروشهم على حساب المواطنين ..
انّ النزاهة والعدالة ركنان مهمان في كل من يتوّلى السلطة والمناصب .
وحين يكون المسؤول نزيهاً وعادلاً تخفق القلوب بِحُبّه،وتنطلق الألسنة بالثناء عليه .
ويبقى ذِكْرُه الحسن على امتداد الأجيال .
ويكفينا في هذا الباب التذكير بما رُوي عن الرسول (ص) في حق أحد السلاطين الكفّار – وهو كسرى انو شروان – حيث قال :
( ولدتُ في زمن الملك العادل كسرى انو شروان )
فلم يمنعه كفر كسرى من الاشادة بعدله في مؤشر واضح على اهمية العدالة عند الحكّام .
الثاني :
هناك من يرى المنصب فرصة مناسبة لتحقيق أحلامِهِ وإشباع رغباته، ويركبه الغرور ، وينسى واجباتِه الحقيقية في خدمة الشعب والوطن ، ويتوقع ان يهّب الناس جميعاً لخدمته، والهتاف باسمه، دون أنْ يَرَوْا منه ما يدعوهم لحبّه والالتفاف حوله ..!!
ومِثْلُ هذا الحاكم لا يلقى من الناس الاّ البغض والهجاء.
ومن أبرز الأمثلة التاريخية على ذلك ( الفضل بن مروان ) الذي كانت له الحظوة عند المعتصم حتى قيل :
( كانت الخلافة للمعتصم اسماً وللفضل معنى) .
حتى وصل به الغرور الى حدّ الامتناع عن تنفيذ ما يأمره به المعتصم فقرر حينئذ عزله والاستحواذ على أمواله وأودعه السجن بعدة شهور …
فقال فيه بعض الشعراء شامتاً :
لتبكِ على (الفضل بن مروان) نفسُه
فليس له باكٍ مِن الناسِ يُعرفُ
لقد صحب الدنيا منوعاً لخيرها
وفارَقَها وهو الظلومُ المُعَنَّفُ
الى النار فليذهب ومَنْ كان مثله
على أيّ شيءٍ فاتنا مِنْهُ نَاَسَفُ ؟
كان منوعاً للخير،
وكان ظلوماً ،
فعلى اي شيء يتأسف الناس حين يواجه السلطوي الظلوم جزاء أعماله؟
-3-
لم يكن للفضل بن مروان خبرٌ في مضمار الفضل والعطاء والاهتمام بقضايا المواطنين، فباء بالذم والهجاء ، وسار على نهجه المشؤوم للاسف الشديد الكثيرون ممن عاشوا لذواتهم وليس لوطنهم وشعبهم فباؤوا بغضب الله والناس وحلّت عنهم لعنة التاريخ .
-5-
أيها المسؤول :
احفر اسمك في ذاكرة التاريخ من خلال العمل الجاد المخلص لخدمة الشعب والوطن، وانتهز الفرصة للفوز برضا الله وثناء الاجيال جيلا بعد جيل .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة