احلام يوسف
يكاد يكون الخوف احد اهم الاسس التي تبنى عليها افعالنا وردودها، فحتى اللص لو امعنا بالأسباب التي ادت الى ممارسته فعل السرقة لوجدنا الخوف متربعا على رأس هرمها، الخوف من المجتمع من الفقر من الموت من الفشل…الخ.
ومن بين حالات الخوف، الخوف من الناس. قد يجده البعض دليل حياء خاصة عندما يكون صاحب الحالة فتاة، فبدل ان يحاولوا تشجعيها للتغلب على خوفها، ستكون محاولاتهم بالصورة المعكوسة لتعزيز هذا الخوف، لانهم يجدونه علامة من علامات الأدب والاخلاق.
يقول الطبيب النفسي عبد الخالق الطاهر: الخوف لا علاقة له بالحياء، وان بدا كذلك في بدايته، لكنه ما ان يسيطر على الشخص حتى يتحول الى انطواء ومن ثم العزلة، وهناك نوعين يتعلقان بالخوف من الناس. الاول الخوف من التحدث الى اناس غريبين عنه، او امام مجموعة من الناس لا تربطه بهم علاقة وهي حالة نفسية تعرف باسم الأنثروفوبيا والثاني الخوف من المجتمع الخارجي.
ويتابع: الذي يخاف من البشر يشعر بالتوتر والعصبية، ويكون خائفًا من الأشخاص ذاتهم، وهذه الأعراض تجعل حالتهم أكثر مماثلة لفوبيا التعامل مع المجتمع الخارجي، إلا أن ذلك يختلف عن فوبيا التعامل مع المجتمع الخارجي، اذ يشعر مريض الأنثروفوبيا بالقلق من المواقف الاجتماعية مثل التحدث إلى أشخاص غير مألوفين أو أمام جمهور على خشبة مسرح وهكذا، أي يخشى الاشخاص الغريبين. أما من لديه فوبيا التعامل مع المجتمع الخارجي يشعر بالقلق عند التعامل مع الناس بنحو عام حتى لو كانوا يعرفونه ويعرفهم منذ فترة طويلة.
واضاف: الخوف من الناس او من المجتمع الخارجي حالتين متشابهتين ومقلقتين، خاصة ونحن نعلم ان الحياة بكل تفاصيلها مبنية على التعامل مع الاخرين، فلا يوجد احد يستطيع العيش من دون تواصل مع الاخرين، فكيف يمكن ان اؤمن مستقبلي من دون ان اعمل واجتهد، وكيف لي ان اقوم بهذا من دون تواصل مع الاشخاص الغريبين؟! فليس من المعقول ان افترض ان العمل سيكون مع اناس مقربين حصرا.
يقول الطاهر ان أسباب الخوف من الناس كثيرة، وأن الاستعدادات الوراثية تلعب دورا في حجمه، واضاف: “إلا اننا لا نستطيع ان نجزم بانها عامل اساس، لكن المؤكد ان الاحداث الصادمة والمخيفة والمؤلمة واحيانا الحزينة او القاسية سببا مهما في تعزيز هذا الخوف”.
وعن امكانية علاج حالة الخوف من الناس او الخوف من المجتمع الخارجي ذكر الطاهر انه يمكننا التغلب على الخوف بمواجهته، واضاف: دائما نقول ان مواجهة الخوف او الالم افضل من كتمانه وافضل من الاستسلام له، والاهل والاصدقاء يجب ان يكون لهم دور فعال من البداية، فمثلا عندما يكونون مع اشخاص كثر يحاولون تشجيعه على الحديث والتعريف بنفسه واقناعه بطريقة ما، كذلك يمكن الحديث عن مواقف محرجة حدثت مع احدهم كي يوصلوا له رسالة مفادها ان الاحراج او التعثر بالكلام لا يعني شيء وانه امر طبيعي يحدث مع كل الناس، كي يمنعوا عنه الخوف.