هل تهرب إيران إلى الأمام؟

فوزي عبد الرحيم السعداوي

تواجه إيران صعوبات كبيرة في الحفاظ على نفوذها في العراق الذي يشهد تراجعا وفي أكثر من مجال تمثل في عجزها عن فرض شخصية تمثلها في رئاسة الحكومة بل قبولها بشخصية ليست قريبة منها بعد التهديد بوصول عدنان الزرفي رجل أميركا والعدو اللدود لأذرع إيران المسلحة وكذلك تصاعد النقمة الشعبية على النفوذ الإيراني بالعراق و الغضب الشعبي من دور أذرع إيران المسلحة التي تشكل خطرا يهدد الأمن الوطني، وعدا عن ذلك فإن أزمة فيروس كورونا التي تعاني منها إيران بشدة اضافة لتراجع أسعار النفط بشكل غير مسبوق مما يؤثر ليس فقط على واردات إيران من العملة الصعبة الناجمة عن بيعها للنفط وانما إغلاق بوابة هامة وهي العملة الصعبة الناجمة عن بيعها للنفط.

ممثلة بالعراق الذي يعاني من صعوبة توفير الأساسيات والرواتب بما لا يسمح لإيران بالتحايل على العقوبات الأميركية والحصول على عملة صعبة بشكل غير شرعي من العراق، ان الوضع الداخلي الإيراني على الرغم من هدوئه الحالي معرض للانفجار على خلفية الوضع الاقتصادي المتأزم الناجم عن العقوبات الأميركية، كذلك ان الضغط الذي تسببه الانتفاضة العراقية على نظام طهران يعد عامل آخر يقلق طهران وينذرها بتحدي خطير، اضافة للتحدي الأميركي المتمثل بالوجود العسكري في العراق مما يسبب ارباكا للخطط الإيرانية.

لكن من ناحية أخرى فلا تبدو إيران مستعدة للتخلي أو إرخاء اليد عن الملف العراقي الذي استثمرت فيه الكثير، فالاخبار القادمة من بغداد تتحدث عن تحركات لبعض أذرع إيران المسلحة للسيطرة على جزء من المنطقة الخضراء في تطور خطير قد تكون له عواقب سيئة كالاحتكاك مع الأميركان اضافة لضرب بعض المواقع الأميركية بالصواريخ.

ان الوضع العراقي متهتك فالعجزعن تشكيل حكومة مضى عليه وقت طويل لم تتخذ فيها قرارات ضرورية وبعضها ستراتيجية كما ان حكومة تصريف الأعمال ضعيفة ولاتتجرأ على اتخاذ بعض القرارات والاجراءات مما يغري إيران لملأ الفراغ، ان إيران لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى الوضع العراقي يتفكك كما أنها لا تمتلك الأدوات الناجحة والمقبولة لمعالجة الوضع مع وجود إغراء بالتدخل في ظل غياب أي قوى فاعلة، لكن وفي بعد آخر فان هذا المشهد خداع وقابل للتغير بسرعة، فأي تحرك إيراني قد يوحد القوى العراقية المشتتة والمعادية للنفوذ الإيراني بما يشكل تهديدا على كامل الوجود الإيراني سيما مع الوجود العسكري الأميركي الذي من غير المعروف رد فعله على أي تحرك إيراني بهدف تغيير المعادلة السائدة.

لقد نفذ صبر إيران أو كاد خاصة مع ضعف أداء حلفائها العراقيين وتراجع نفوذهم وعزلتهم ولذا و برغم الكياسة والصبر اللذان يسما السياسات الإيرانية فان توقع تدخل إيراني واسع لاعادة عقارب النفوذ الإيراني إلى ماكان عليه يبقى أمرا ممكنا ومغريا، ولعل خروج أربعة فصائل مسلحة من هيئةالحشد الشعبي وربطها بالقائد العام للقوات المسلحة اشارة إلى التوترات بين أذرع إيران المسلحة وبين القوى الأخرى وخاصة تلك التي أعطتها الشرعية مؤشر على اتجاه الأحداث.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة