مديحة البياتي
لا يخفى على المتتبع لمسيرة الحركة الرياضية في العراق على امتداد مسيرتها الطويلة ان الرياضة النسوية العراقية قد سجلت ظهورا وتتطورا كبيرا ابان حقبة السبعينات ووصلت إلى الألقاب والبطولات في سنوات الثمانينات ، كما ولا يخفى على اهل الرياضة الأسماء اللامعة التي كنا نطالع اخبارها في الصحف والمجلات لنجمات وبطلات الرياضة النسوية وفي مختلف الألعاب اللواتي كنا ينافسن نجوم كرة القدم في مكانتهم في أوساط الجماهير.
فعلى سبيل المثال الكل نذكر زينة عزيز الحجية في رياضة التنس ، ولبنى كمر بطلة الجمباز ، وكريمة كامل ، وذكريات حكمت في كرة اليد ، وهيفاء جابر وكفاح جمعة في كرة السلة ، وبتول كاظم ، وحمدية غازي في الكرة الطائرة ، وريتا ريشارد وغزوة فرنسيس في تنس الطاولة ، ووسن رسام في السباحة ، اما في عروس الألعاب الساحة والميدان فقد ظهرت أسماء عديدة لبطلات احرزن ارقاما قياسية حفرت اسماؤهن في الذاكرة من أمثال الدكتورة ايمان صبيح ، وانتصار علي ، والبطلة دينا سعدون ، وايمان عبد الأمير وغيرهن كثير من الكفاءات الرياضية النسوية وفي مختلف الألعاب الاخرى وما ذكرناه يعد غيض من فيض.
ومن البديهي والمفروض لذلك الجذر البعيد ان تقطف الرياضة النسوية العراقية اليوم زروع الأمس ، وأن يكون لدينا بطلات يتفوقن على اسلافهن ويحصدن البطولات باسم العراق.. ولكن الواقع هو العكس تماما، فالرياضة النسوية العراقية بدأت بالانحدار منذ بداية الحصار الاقتصادي حيث لم يلمع في سنوات التسعينات سوى اسم العداءة ميساء حسين التي لم تتفوق على سابقاتها من البطلات ، لا نقول إن الرياضة النسوية في السنوات الأخيرة غير موجودة ، كما لا ننكر وجود لاعبات ظهرن في بعض الألعاب ، ولكن الأسماء الجديدة لا ترقى لما حققته الأسماء القديمة من عطاء ومستوى وكل المحاولات النسوية في رياضة ” الالفينات” تعد خجولة اذا ما تمت مقارنتها بالإنجازات السابقة .. ولعل السبب الرئيس في ذلك هو التغير الكبير الذي طرأ على تركيبة المجتمع العراقي والذي أصبح يضغط بشكل أكبر على المرأة وحريتها ، حتى أصبحت الملابس الرياضية التي ترتديها الرياضيات في العالم أمنية بعيدة المنال بالنسبة للرياضية العراقية بسبب الضغط المجتمعي والقبلي الذي ينظر إلى المرأة بشكل ظالم جدا.
قد يقول قائل بأن الدول المجاورة سيما الخليجية منها قريبة من الناحية القبلية للمجتمع العراقي ، نقول ومع ذلك فقد سجلت الرياضة النسوية في الدول المجاورة ودول الخليج خاصة انتعاشا ملحوظا بسبب توفر عنصر الحماية للاعبات ضد الأعراف القبلية غير المنصفة ، في حين مازالت المرأة العراقية تعاني من تلك الأعراف.. وعليه فقد تراجعت الرياضة النسوية العراقية واصبح تواجدها الدولي مجرد مشاركات لا اكثر ونتائجها غير مشجعة مع نظرائها في الدول العربية والمجاورة.. فهل من منقذ لرياضتنا النسوية في العراق؟ وهل يأتي زمان تعود فيه البنت الرياضية العراقية لممارسة لعبتها المفضلة بكل حرية بعيدا عن إتهام المجتمع؟ انها تساؤلات تبحث عن إجابات.