المرض كفّارة الذنوب

-1
ثمة سؤال يطرح نفسه بالحاح :
هل هناك من أجر للمرضى الذين تجتاحهم العلل وتعتريهم الأمراض والأسقام ؟
والجواب القاطع على هذا السؤال مرويٌّ عن امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) حيث ورد عنه قوله :
المرض لا أجر فيه ،
ولكنْ يحط السيئات ، ويحتها حتَ الأوراق وانما الأجر في القول باللسان ، والعمل بالأيدي والأقدام }
يحتُ الأوراق : أي يسقطها
-2-
والمرض بهذا الوصف عطاء رباني للنجاة من العذاب، وهنا يتجلى لطف الله بالعباد ، ذلك ان الامراض انما تصيبهم بسبب إخلالهم بما يجب ان يُراعى للحفاظ على الصحة ، فهو منهم وليس من الله ، ومع ذلك جعله الله تطهيراً لهم مما اجتمع عليهم من دنس الخطايا والمعاصي .
-3-
والعافية والسلامة مِنَ الامراض مِنْ أكبر النعم الالهية، وهي في الغالب تملأ المساحات الكبرى في حياة الانسان ،
أما الأمراض فهي قد تعرض للانسان في فترات قصيرة متباعدة ولكنها لا ترتفع حتى ترفع عنه كثيراً مما تراكم عليه من السيئات ..
-4-
وقد لاحظنا ان الشعراء كثيرا ما يذكرون (الأجر) في أشعارهم التي يخاطبون بها من يعودونهم من المرضى أو من يتقربون اليهم من كبار الرجال، وهذا ناشيء إمّا من عدم الاطلاع على حقائق الشرع وأسرارِهِ وأحكامِهِ ، وامّا من رغبتهم في إدخال السرور على قلوب اولئك المرضى..!!
وسنورد الان وباقتضاب شديد بعض الشواهد على ذلك المسلك الشعري الحافل بالمحاباة …
قال ابو محلم الحراني في عبد الله بن طاهر
فان تكُ حُمّى الربع شَفَّك وِرْدُها
فعقباك فيها أنْ يطول لك العمرُ
وقيناكَ لو يعطي الهوى فيك والمنى
لكانت بنا الشكوى وكان لك الأجرُ
فهو يتمنى ان يقيه بنفسه ويمرض بدلاً عنه على أنْ يبقى
الأجر لابن طاهر في حين ان المرض لا أجر فيه
وقال محمد البيدق الشيباني :
قالوا أبو الفضل مُعْتَلٌ فقلتً لهم :
نفسي الفداءُ له مِنْ كُلِّ محذورِ
يا ليتَ عِلَتَهُ بي غير أنَّ له
أجر العليل وانّي غيرُ مأجورِ
والعليل – كما تقدم – لا أجر له أصلا ..
-5-
ان الأجر اليقيني في عيادة المريض لا في المرض ، ذلك انّ عيادة المريض مما يخفف عنه وطأة الآلام ، ويشعره بما له في قلوب العوّاد من محبة ومكانة فيكون ذلك بمثابة التسلية
قال الشاعر :
وضنوا بالعيادة وهي أجرٌ
كأنَّ عيادتي بَذْلُ الطعامِ
انه يهجو من تخلف عن عيادته رغم ما فيها من أجر ، ويصفهم بالبخلاء فان العيادة عندهم كاطعام الطعام الذي يهربون منه شحا وبخلا وامساكا وقد روي عن الرسول الاعظم (ص) قوله :
وما من عبد مسلم يعود مريضا الا صلى عليه سبعون ألف مَلَك من ساعته التي يعود فيها …”

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة