حتى بعد الالتزامات التي تعهدت بها البلدان المعنية
متابعة ـ الصباح الجديد:
تستمر دول اجنبية في إرسال الأسلحة إلى أطراف النزاع الليبي بالرغم من الالتزامات التي اتخذت في مؤتمر برلين، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة التي أبدت القلق على مصير الهدنة الحالية.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في بيان إنّها «تأسف أشد الأسف للانتهاكات الصارخة المستمرة لحظر التسليح في ليبيا» المفروض بالقرار 1970 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 2011، مضيفة أن ذلك يستمر «حتى بعد الالتزامات التي تعهدت بها البلدان المعنية» في برلين في 19 كانون الثاني.
وتابعت أنّه على مدار الأيام العشرة الماضية «شوهد العديد من طائرات الشحن والرحلات الجوية الأخرى تهبط في المطارات الليبية في الأجزاء الغربية والشرقية ، لتزويد الأطراف بالأسلحة المتقدمة والمركبات المدرعة والمستشارين والمقاتلين».
وفي تعليق على هذا الإعلان، أعربت ألمانيا التي استضافت مؤتمر برلين عن «القلق»، وتحدثت عن تقارير «غير مؤكدة ولكنها ذات مصداقية تفيد بانتهاك الحظر من الجانبين».
وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان «ما يهم الآن هو التوصل إلى وقف إطلاق نار مستقر ستتفاوض بشأنه في الأيام المقبلة اللجنة العسكرية 5+5 التي تمت أخيرا تسمية أعضائها من الجانبين»، في إشارة إلى ابرز تقدّم ملموس تحقق بفعل مؤتمر برلين.
وتعاني ليبيا من الفوضى منذ الاطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، وتنقسم حاليا بين سلطتين متنافستين: حكومة الوفاق الوطني ومقرها طرابلس وتعترف بها الأمم المتحدة، وسلطة المشير خليفة حفتر، الرجل النافذ في شرق البلاد.
وفي ظل الخشية من أن يثير النزاع تدخلا خارجيا متناميا، فإنّ المشاركين في مؤتمر برلين اتخذوا عددا من الالتزامات، بينها الامتناع عن إرسال الأسلحة.
وتعهدت هذه الدول أيضاً بتجنب أي تدخل في الشؤون الليبية وأي عمل من شأنه مفاقمة النزاع على غرار تمويل القدرات العسكرية أو تجنيد مرتزقة.
«مهلة للمدنيين»
وباتت الحرب عند أبواب طرابلس منذ 4 نيسان ، تاريخ إطلاق المشير خليفة حفتر الذي يلقى دعما من روسيا ودولة الإمارات ومصر، هجوما باتجاه العاصمة حيث مقر حكومة الوفاق المدعومة من تركيا.
وقتل أكثر من ألفي مقاتل و280 مدنيا بحسب الأمم المتحدة التي تشير أيضا إلى نزوح ما يقارب من 150 ألف شخص.
وجرى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 12 كانون الثاني/يناير بمبادرة من موسكو وأنقرة، لكنه لا يزال هشا ويتبادل الطرفان اتهامات بخرقه.
وقبيل توجه الرئيس التركي إلى الجزائر الأحد حيث التقى نظيره عبد المجيد تبون، نعت رجب طيب اردوغان المشير حفتر ب»الانقلابي»، معتبرا إنه «على الدوام السبب وراء الانتهاكات التي يتعرض لها وقف إطلاق النار».
برغم ذلك، أشار بيان بعثة الأمم المتحدة إلى أنّ «انخفاضا ملحوظا» في الأعمال القتالية «أعطى مهلة للمدنيين في العاصمة هم بأمسّ الحاجة إليها».
وشدد البيان على أنّ «هذه الهدنة الهشة مهددة الآن بما يجري من استمرار نقل المقاتلين الأجانب والأسلحة والذخيرة والمنظومات المتقدمة إلى الأطراف من قبل الدول الأعضاء، من بينها بعض من الدول المشاركة في مؤتمر برلين»، من دون تسمية هذه الدول.
وتعرضت العاصمة طرابلس امس الأول الاحد لقصف عشوائي تسبب بمقتل مدني مغربي الجنسية يبلغ من العمر 42 عاما (بحسب إعلان الرباط) وإصابة سبعة اخرين بجروح، بحسب ما أفاد فرانس برس أمين الهاشمي، المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الوفاق.
واندلعت معارك الاحد في منطقة ابوقرين التي تقع على بعد 130 كلم غرب سرت التي باتت منذ 6 كانون الثاني/يناير تحت سيطرة قوات المشير حفتر، بحسب مصادر من المعسكرين.
وبحسب حكومة الوفاق تعرض مطار معيتيقة قرب طرابلس مجددا لاطلاق صواريخ.
ونددت بعثة الامم المتحدة «باشد العبارات» بهذا الهجوم الجديد على مطار معيتيقة. وقالت في بيان مساء الاحد ان صاروخي غراد تسببا في اصابة شخصين وألحقا أضراراً بالمهبط وعدد من المباني الخاصة والعامة.
وحذرت البعثة الأممية من أنّ «الانتهاكات المستمرة» لاتفاق وقف إطلاق النار «تهدد بإغراق البلاد في جولة متجددة ومكثفة من القتال».
توقف النفط
ونص اتفاق بين أنقرة وحكومة الوفاق في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2019، على أن تقدّم تركيا دعماً عسكرياً إلى طرابلس، في وقت تتهم موسكو بدعم القوات الموالية لحفتر بالأسلحة والمال والمرتزقة، برغم نفيها المتكرر.
ويخشى المجتمع الدولي في هذا السياق من تحوّل ليبيا إلى «سوريا ثانية».
وإلى جانب احتمالات التصعيد، ثمة خشية من انهيار الاقتصاد بسبب توقف تصدير النفط — المصدر شبه الوحيد للإيرادات.
وفي 18 كانون الثاني ، عشية قمة برلين، أغلقت قوات موالية لحفتر أبرز الموانئ والحقول النفطية في شرق البلاد وجنوبها، ما أدى إلى هبوط الانتاج بشكل حاد وتسجيل خسائر تقدّر بأكثر من 256 مليون دولار بحسب المؤسسة الوطنية للنفط.