سوران محمد
متابعة للموضوع الذي أثارته جريدة «الصباح الجديد» حول الترجمة وتعقيبا على المقالتين المنشورتين فيها لعلوان سلمان و دلال نصرالله، أريد ان اتطرق هنا الی موضوع الترجمة في صورتها الشاملة، بما أنني متفق مع السيد علوان بأن الترجمة، فعل ابداعي ونشــاط لغوي يســهم فــي تنمية حركــة الحياة ثقافيــا ومعرفيا وكذلك أهمية لزوم المترجم بتحديث أدواته المختلفة كما أشارت اليها السيدة المترجمة دلال نصرالله، لكن مما لاحظتها في تلك المقالتين هي انهما تطرقا بالاخص الی الترجمة الادبية، لكن تزامنا مع التقدم الحضاري يستوجب الالتفات الی حقيقة الترجمة العلمية الموثوقة في كل مجالات الحياة سواء الطبية أو القانونية أو الادبية و هكذا …الخ.
يجدر الاشارة في هذا الباب أن نذكر خلاصة ما درسناه في التعليم الاکاديمي في حقل الترجمة تيقننا منا بأن المترجم لا يستطيع أن يؤدي دوره الا من خلال الالتزام بالأسس الثلاثة للترجمة، كما يجب عليه الالتزام به أثناء ادائه دوره للترجمة سواء شفويا أو کتابة وفي كل الاحوال والظروف، الا وهي:
1-التكملة: أي عدم النقص والزيادة، بمعنی آخر عدم تغيير النص حسب مزاج المترجم.
2-الصحة: وهي الترجمة بشكل صحيح وتجنب أخطاء لو حصلت تتغير مسار الخطاب والمعنی.
3-فهم ومراعاة الجانب الموروث والتقاليد للسامع أو القارئ وبلورتها في اللغة المنقولة اليها.
وبحصول هذه النقاط الثلاثة في أي عمل ترجمة سنکون واثقين من أمانة وصدق الترجمة وحينها نستطيع أن نسميها ترجمة أكاديمية.
وكل هذا يتطلب من المترجم ان يکون علی علم بفهم المصطلحات المستعملة لغة واصطلاحا، وليس هذا الامر خال من الصعوبات والعوائق اذ ان المترجم قد يضطر احيانا الی ايجاد بدائل لمصطلحات قد لا يجدها في اللغة الثانية، أو اعطاء ايضاحات في أسفل النص لمقصد المتکلم أو الكاتب، علی سبيل المثال کالاستعارات والعبارات الدارجة أو أسماء الأماكن والاشخاص الغير المعروفين والوارد ذکرها في النص الاول، بحيث أن يکون واضحا عند القارئ أو السامع في اللغة الثانية المنقولة اليها.
وفي هذا الصدد نجد کثيرا من المترجمين يضحون بجانب ما علی حساب الجانب الاخر في أعمالهم المترجمة، ظنا منهم أنهم سيؤدون دورهم بأكمل وجه بهذه الطريقة بحيث لا يشعر القارئ انه يقرأ نصا مترجما، لکن عليهم أولا أن يلتزموا بجوهر وروح النص في اللغة الأولى ثم اعطاء أنفسهم مساحة للتزين واعادة الصياغة حسب تصورهم وذوقهم الجمالي.
وبما ان اللغات الحية عالميا في تطور و تجدد متواصل، لذا من الواجب علی المترجم أن يبقی علی الاتصال بالتحديثات و التغيرات الجديدة الحاصلة علی اللغـة التي يترجم عنها.
ان تشجيع و فتح مراکز أكاديمية للترجمة و ادخاله في المجال التعليمي سيقرب لنا الزمن نحو الاتصال بالعالم الحديث سريعا والذي يسيره عقول نابغة عالميا وهكذا يکون بأستطاعتنا مواكبة عصرنا الذي طغی عليه علوم التکنلوجيا الحديثة و الحاسوب و الاقمار الصناعية والدجتال و الحسابات الرياضية الدقيقة، و هذا ما سننتظره من المخلصين الذين يسيرون دفة أمور الناس و يكرسون جهودهم في وضع البرنامج القصير والطويل الامد لأبناء بلداننا الاعزاء، والا سنظل واقفين نراوح مكاننا دون أي تغير حقيقي، و هكذا نقل أكثر التطورات الحضارية في زماننا هذا – بما فيها العلمية والادبية- لا يتم الا من خلال احياء علم الترجمة و صرف الاموال عليها و تهيئة کوادر مؤلهين لأداء عمل الترجمة بأحسن شكل و أدق وجه و من کل اللغات الحية عالميا.. هذا هو السبيل الامثل للتواصل مع العالم الخارجي والاحتفاظ بأصالتنا ولغتنا في نفس الوقت.