هذا ما أثبته العراقيون وأصحاب الـ “تك تك”

عند الشدائد تعرف الاخوان

أحلام يوسف
يقال عند الشدائد تعرف الاخوان او معادن الرجال، ما أثبته العراقيون هذه الأيام التي تحمل وجهين، عصيبة بسبب ما حصل من قتل وتخريب، ومطمئن لأنه سلط الضوء على حقيقة الشباب العراقي، الذي كان موضع لوم واتهامات بالسطحية.
أصحاب الـ “توك توك” كانوا أكثر الناس تعرضا الى الهجوم المجتمعي، واتهامات عدة بالتهور، والاستخفاف. ظهر معدن هذه الفئة من الشباب في التظاهرات التي عمت محافظات عدة، فامس الأول وبعد الإصابات التي لحقت بالمتظاهرين في ساحة التحرير، بادر أصحاب الـ “توك توك” الى نقل المصابين الى المستشفى، لان حركتهم أسهل من حركة السيارات، إضافة الى نقلهم مؤونة تبرع بها بعض الخيرين الى المتظاهرين.
في مشهد تقشعر له الابدان، نشر عدد من رواد موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك فيديو يحيّي به المتظاهرين أصحاب الـ “توك توك” بالتصفيق الحار، وهم يتنقلون هنا وهناك للبحث عمن يحتاج الى مساعدة.
سجاد محسن أحد هؤلاء الشباب والذي لم يتجاوز عمره الثامنة عشر يقول: هناك من ينظر الي ويتعامل معي على اني طفل، لكن في العراق لا اظن يوجد أطفال، لان الظروف السيئة والقهر يشيب لها الطفل في بطن امه، اليوم نحن هنا لمساعدة اخوتنا، السيارات وصولها الى هنا صعب، بسبب الاعداد الغفيرة المتواجدة من المتظاهرين لكن الـ “توك توك” بسبب صغر حجمها يمكن ان تمر من بينهم، لنقل المصابين.
مهند الربيعي أحد المتظاهرين في الساحة ذكر ان أحد اخوته أصيب بحالة اختناق ولولا أحد أصحاب الـ “توك توك” لما استطاع النجاة، وقال: لقد سارع الى حمله ورفض حتى المساعدة، وعندما هممت بالبحث عن مبلغ اعطيه إياه رفض رفضا قاطعا، وقال أنتم تتظاهرون من أجلي انا أيضا، فمن المعيب ان اخذ ثمن مساعدتي لاحد منكم.
ذكر الربيعي ان هذا الشاب كان بعمر الـ 16 لكن موقفه، موقف رجال حقيقيين، واثبت ان كل اللهو والعبثية التي يعيشها الشاب الصغير في العراق ما هي الا هرب من واقع مزر نشأ وتربى فيه، لكن وقت الشدة والحاجة، عرف ان يختار الطريق الاسلم.
اما علي رسول فكان اكثرهم نشاطا وحيوية، واقبال على المساعدة حسبما قال احد المتظاهرين، اذ كان ينقل المصابين وفي عينه شعاع امل بان التغيير قادم على يد هؤلاء الشباب، وكان الدافع له للقيام بمساعدتهم بهذه الصورة.
يوم امس العديد من المواطنين بادر الى إقامة مواكب طبخ لتوزيع الطعام على المتظاهرين ونساء قمن بخبز ارغفة لتوزيعها عليهم، إضافة الى العصائر والمعجنات التي قام بعضهم بشرائها من اجلهم.
وقت الشدة، يظهر الانسان أجمل ما بداخله، وكأنها معادلة معها تتوازن الحياة. الشباب في هذه الأيام، اثبتوا انهم ابطال، وانهم على قدر المسؤولية، وما نمر به من وقت عصيب، وازنه جمال الروح العراقية الذي عزز الامل بالأجيال المقبلة، وبأن المستقبل ليس كالحا كما يظن الكثير.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة