تدعيم الداخل وتحجيم الخارج …!!

ستبقى المشكلة العراقية مفتوحة الجبهات على مدى سنوات اخرى ولن يستطيع احد التحكم في ايقاف التأثيرات الخارجية بشتى مستوياتها اتساقاً مع طبيعة طريقة تفكير القادة والاحزاب في مجمل العملية السياسية ..ومنذ سقوط النظام الشمولي عام 2003 بقيت الساحة العراقية محوراً للصراعات الخارجية تبادلت فيها الولايات المتحدة الأميريكية والدول الاوروبية ودول الجوار العراقي الادوار انسجاماً مع حركة الداخل العراقي ..ولربما كان مبرراً الاستنجاد والاستعانة بهذه الدول في مرحلة لملمة الشتات العراقي واعادة بناء الدولة العراقية والاعتماد على مقدرات وامكانيات دول في زحزحة ومنع حركات ومجموعات مسلحة ارادت اجهاض التغيير في العراق او وقف سير بناء بلد ديمقراطي جديد في المنطقة على ركام نظام شمولي ..وكان مفهوماً ايضاً تمسك واصرار احزاب وكيانات التعمق في نسج علاقات قوية مع دول خارجية وصلت حد المشورة في كل تفاصيل تشكيل الحكومات المتعاقبة في العراق .. وكان مؤملا مع مرور التجربة السياسية في العراق باختبارات ومع كبح جماح الجماعات المسلحة في العراق ووقف نفوذ الارهاب وتجفيف منابعه ان نصل الى فترة نضج يتمكن فيه العراقيون من الاعتماد على مقدراتهم وامكانياتهم في ادارة وقيادة دولتهم ان يتلاشى هذا الركون الى القوى الخارجية والتعلق بنفوذها الا ان مجريات الصراع المسلح مع القوى الارهابية في المنطقة والتهديد الخطير الذي يشكله تنظيم داعش اليوم اطاح بكل امال العراقيين المتطلعين الى استقلالية القرار العراقي وابعاده عن اية مؤثرات خارجية …ويبدو ان كرة النار الضخمة التي توشحت بداعش ولهيب نيران الحرب بين الولايات المتحدة الاميريكية وحلفائها في المنطقة وبين داعش على الاراضي العراقية ستعيد مشهد التدخل الخارجي في العراق بصور مختلفة لايستطيع احد التكهن بمجرياتها وبحركتها في الايام والشهور المقبلة ..ومن هنا جاء خطاب المرجعية الدينية ممثلة بالسيد السيستاني يوم الجمعة الماضي ليضع النقاط على الحروف في كيفية التصرف في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ العراق المعاصر ..لقد حسمت المرجعية الموقف من هذا التدخل الخارجي برأي سديد يتمثل بترحيب العراق وموافقته لكل جهد عسكري او سياسي او امني يسهم في حماية العراق ارضاً وشعباً من وحشية الارهاب ومن القتل والتدمير ولكنها في الوقت نفسه عبرت عن ثقتها ودعمها وتشجيعها لمقدرات القوات الامنية والعسكرية والحشد الوطني في العراق لمواجهة الارهاب الذي يهدد البلاد واشترطت ان تكون مساندة الخارج للعراقيين بعيدة عن اية نوايا وافعال تفتح المجال امام انتهاك السيادة العراقية ..لذا فان امام الاحزاب والكيانات السياسية في العراق ومايمثلها في الحكومة ومجلس النواب مسؤولية وطنية تتمثل بالاسراع في تدعيم الوئام الوطني العراقي امام هذه المحنة بما يعزز من رص صفوف القوى العراقية وبناء جبهة داخلية متينة تختصر الجهود والزمن لاخراج داعش من العراق والشروع في مرحلة جديدة لايحتاج فيها العراقيون لمقدرات خارجية مدفوعة الثمن في كل الحسابات وبما يجنب العراقيين أية عواقب متوقعة من التدخل الخارجي المسلح …!!
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة