التعليم رأس كل اصلاح

على مر التاريخ كان للمعلم مكانة متميزة في حياة بني البشر، وقد قيلت بحق هذا الكائن غير القليل من كلمات الثناء والتبجيل لدوره وروح الايثار التي تميز عمله، من اجل خدمة الناس ومد يد العون لهم للتحرر من العتمة والجهل الى حيث العلم والنور.
وفي العراق كان للاجيال الاولى من هذه الشريحة، التي جاءت مع بداية تأسيس المدارس الحديثة، في نهاية الربع الاول من القرن المنصرم، دور حيوي في حركة الحداثة والتنوير التي تغلغلت الى شتى جوانب حياة العراقيين الروحية والمعرفية. غير ان الاقدار رسمت مساراً آخر لرسالة المعلم بعد عام 1968 عندما عاد البعث الى الغنيمة، وباشر بتنفيذ خططه لتبعيث مؤسسات الدولة والمجتمع، ومن سوء حظ سكان هذا البلد المبتلى بلوثة التجارب الآيديولوجية والشعبوية، ان كان هذا القطاع الحيوي (التعليم) على رأس اهتمامات تلك الخطط التي جففت ينابيع التنوع والحيوية عند العراقيين. وبالضد من هذا المصير الذي آل اليه الحال عندنا، كانت الامم الحرة تغذ السير في مجال الاستثمار في التعليم أو ما عرف بـ (اقتصاد المعرفة) والذي انعكس على شتى جوانب الحياة لديهم ازدهاراً ورقياً.
هذا القطاع الحيوي (التعليم) لم ينج من لعنة المحاصصة واعادة تقاسم أسلاب (العصر الزيتوني) التي شملت جميع مؤسسات الدولة والمجتمع، وعلى الرغم من مرور أكثر من عقد على (التغيير) لم يشهد أية محاولات جادة للتعامل مع كل هذا الحطام الذي خلفته سياسات النظام المباد وخاصة المحور الأهم في هذا المجال الملاكات التعليمية والتي تدهور مستواها، الى الحد الذي يصعب التعويل فيه على غير القليل منهم في تقديم شيء ينفع الأجيال الجديدة . لقد كشف هرم اولويات البرلمان نوع الهموم التي تشغل ممثلي الشعب في السلطة التشريعية، وهي امتداد لذات الاهتمامات التي قذفت وزارة يعتمد عليها حاضر ومستقبل البلد الى أحضان صقور الكتل المتحاصصة وبنحو متناوب. ولكن مع كل هذا الدمار الشامل، هناك غير القليل من الملاكات المتخصصة وغير المتحاصصة، ينبغي الألتفات لها لتكون نواة لورشة تمهد لاعادة بناء الأجيال الجديدة وتأهيلها، وهذا لن يتحقق من دون فريق عمل متناغم يمتلك الرؤية والصلاحيات المطلوبة، للبدء بمسيرة الألف ميل.
جمال الجصاني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة