علي إبراهيم
من الْوهلة الأُولى يبدو غلاف الرواية مصّرحاً بالهجرة التّي أرادها الروائي العراقي، ولكن ما طبيعة الهجرة ابعادها، نتائجها فتكمن من خلال استكشاف تقنيات الرواية رسائل رطبة وهي الاولى للقاص نبيل جميل /طبعة أولى 2018.أفتطف بعضاً من خط السّرد من خلال شخصية خالد في المشرق، وعائشة من المغرب ووسيلة الاتصال هي الثقافة ويفصح الراوي عن ذلك بقوله: كل شيء إسّود في عيني، صيحات جنود، وسُحب دخّان داكنةٍ خانقةٍ، وأشلاء أجسادٍ ممّزقةٍ، كل ما تبقّى لي في هذا الوطن انتابني إحساسٌ بأنني قادر على الهجرة. وكذلك اشارته إلى السّباب في كتابته الشّعر، وهذه إحدى ممكنات الروائي في تداخل الأجناس. يقول الراوي: «وإننّا في العراق متقدّمون أكثر عليهم منذ زمن السّياب/ ص48، والروائي قريب من الشاعر، والكورنيش.
أمّا لغة الرواية إنهّا اطلعتنا على لهجة ولغة المغرب عند عائشة؛ وهذا يضفي على الراوي فسحة التآقلم الّلغوي. ومن اللّهجة المغربيّة ما ورد على لسان عائشة» فين كنتي خليتي مكانك وقت الفطور. لازم نبقاوا مع بعض حيث أنا ويّاك تمتلّوا فريق واحد. هدّري بالّلغة العربية الْفصيحة باش سي خالد يفهم شنو تقولي.»
وما زلنا في لغة الرواية يستخدم الروائي الّلهجة المصريّة بشخصيّة زكريا/ ص117وكذلك نهاية الرّواية حيث الرحلة إلى تركيا.
وإذا كانت اللّغة إحدى مقوّمات العمل الرّوائي؛ فإنّ التّلاعب في ثنايا النّص الروائي هو إضافة جماليّة له من تقافز الحروف، والكلمات من اختلاف النّطق بها. يقول د. صبري حافظ في الرواية والواقع /ممكنات السرد/ص192 «اللغّة تتجّنب المسائل الخلافيّة من الناحيتين السّياقية، والدلاليّة ساعيةً إلى خلق إيقاعاتٍ هادئةٍ، ولم تترّدد إلى اجتراح المحرمات» ويمكن اعتبار ذلك مناظرة على حد تعبير الدكتور حافظ صبري.
وفي ضوء متغيرات الرواية ما بعد التّغيير والتّي صرّح بها نبيل جميل/ ص63 «بعد عام التّغيير/ 2003ودخول الانترنت إلى العراق بحثتُ كثيراً في أسماء الشّعراء، والشّاعرات من العرب الدّخلاء على عالم الشّعر،» وهذا يؤيد دور المثقف، والاديب في الحرب، والسلم.
وعن شكل الرَّواية هي في المجمل شكل الّرواية التاريخية؛ وما يؤيد ذلك قول الراوي :»العالم يصّوت على الفيتو والحرب/ص53ويلاحظ ذلك في سير الرواية أحداث حرب الخليج الأولى، والثانية إلى مرحلة التّغيير نجد التأريخ يُقرأ، ويُكتب إجناسياً.
التدوين الالكترونيّ في متن الرواية
ويُعَّد من اساليب التعبير في الرواية ما بعد التغيير، وأثر البريد الإلكتروني كبير من خلال الصّور، والتدوين والتّي تختلف عن الرّسائل الورقيّة في اختصار الوقت دون تأخير/ص207 ووقفة عند تدوين رواية التّدوين نقف عند مجلة فصول/ شتاء2011 اوردت مقولات وآراء منها رأي الكاتب جاري ر. بنت يقول: «الّتدوين فرصة لتعزيز الدّيمقراطية فيمكن أن نعبّر عن التدوين الكتابيّ في العراق حيث تمتزج الروايات عن العنف المفرط مع وصف العناصر الدّنيويّة من الحياة العاديّة، أو نجد مدونة فتاة من العراق تتّحدث عن الحرب، والسلم، والسياسة والاحتلال /ص178. وتناول الكاتب جيف جونزفي مدونة المغرب «خطف الرّهائن المغاربة في العراقِ. /ص211.
ويحدد الكاتب المصريّ السّيد ياسين على شبكة الإنترنت» إنّ المجتمع الجديد يستند إلى عتبتين الّصورة والتّدوين «
ومن خلال هذه الآراء؛ ودخول الروائيّ نبيل جاسم في رسائل رطبة اْلبريد الالكترونيّ من اساليب الحداثة في السّرد لوكانت الرواية شكلاً، وبناءً ضمن سياق المدّونات في الخطاب اللّغويّ أسهل كثيراً من التّفصيل، والّشرح لأحداث مكررةٍ ليس فيها جديد، وقد استخدم الكاتب التّقنية الحديثة وهذا يمكن أنْ يضيف اليه سرداً ممّيزاً لرواية التّغيير في المباشرة، والتّقريريّة.
أمّا مراحل السّرد في الرواية يورد الدكتور سعيد يقطين عن ثلاث مراحل في ممكنات الّسرد هي: «المحّكم، والمتّقطع، و المرسل» ص/146وأعتقد إنّ رواية رسائل رطبة هي من النًّوع المتقطع بين الكتابة الورقية، وكتابة النّت في توالد الأحداث.؛ واختلافه مع الّسرد المرسل إنّ الراويّ فيه يلعب دوراً في تقديم شبه القصة الطويلة المعدةِ للرواية. ويبقى تطّور وعي الكاتب فهل كُتبت الرواية بناءً على» اختيار عفويّ، وهذا يؤّدي إلى رؤيةٍ اجتماعية على رأي د. سعيد يقطين» ، وأظّن الروائي نبيل جميل قد اختار العفوّية في الكتابةِ.