احد الاسباب المهمة في انتشار السينما وانشغال وشغف العالم بها هو التنوع الكبير في مواضيعها، الذي نتج عنه في فيما بعد ظهور انواع فلمية عديدة، مثل الافلام التاريخية، الافلام الرومانسية، افلام الاكشن وغيرها الكثير من الأنواع، ويتراوح نجاح هذا الفيلم او ذاك على الكيفية التي يتم تناول الموضوع فيها، فكما يقول جوادور ان الافكار الجيدة تبقى جيدة ولكن طريقة تناولها تجعل منها افلام جيدة او افلام رديئة.
اسوق هذه المقدمة بعد مشاهدتي لمعظم الافلام العراقية تشارك في المهرجانات السينمائية، وأعني الافلام التي أنتجت بعد العام 2003، فالملاحظ ان هذه الافلام تعتمد في معظمها على موضوعة واحدة هي موضوعة ما مر به العراق من أحداث بعد التغيير.
بالتأكيد ان الاحداث التي جرت تستحق ان توظف مواضيعها سينمائيا، فهذه احدى وظائف السينما المهمة في توثيق وطرح ما جرى تسجيليا ودراميا، ويختلف تناول ذلك سينمائيا من مخرج لأخر تبعا لثقافته وربما موقفه من هذه الاحداث.
ولكن ان تكون هذه الموضوعة هي التي تشكل القاسم المشترك لحولي 90% من هذه الافلام وعلى مدى الاعوام الستة عشر المنصرمة، فذاك مؤشر غر جيد وربما ينم عن فقر واضح في بحث المخرجين السينمائيين العراقيين عن مواضيع جديدة، فمن غير المعقول ان لا تكون هناك مواضيع اخرى يمكن ان تكون هي المادة التي تتناولها الافلام العراقية، ربما في السنتين الاولى من التغير او حتى الثالثة كان من الممكن تقبل هذه الحالة، ولكن الان وبعد مضي كل هذه السنين، فهو امر غير مقبول.
في السنين الاولى انتجت افلام سينمائية، مثل غير صالح، واحلام، وابن بابل وكرنتينة، لعدي رشيد ومحمد الدراجي اضافة الى افلام اخرى لمخرجين اخرين، تقبلها جمهور المهرجانات التي عرضت فيها، وحصلت على جوائز باعتبار انها افلام عراقية تتحدث عن العراق بعد التغيير، وربما تكون قد حصلت على العديد الجوائز عديدة بسبب تعاطف الكثيرين مع الوضع العراقي، في حين انها لم تعرض للمشاهد ات الفنون الجميلة لم يذهبوا بعيدا عن ذلك.
لذلك نجد ان الكثير من المتابعين للنتاج السينمائي العراقي الجديد يؤشرون وجود خلل واضح في فقر المواضيع التي تتناولها السينما العراقية وخصوصا سينما الشباب.
بعض المهرجانات ولحسابات سياسية وتبعا لأجندات تديرها، ترحب بمثل هكذا مواضيع، خصوصا تلك التي تتناول الوضع العراقي بشكل سوداوي وتمنحها الجوائز، في حين ان بعض الافلام لم تجد فرصتها للاشتراك في بعض المهرجانات بسبب تناولها المتفائل للوضع الداخلي العراقي.
أذن فنحن امام مشكلة كبيرة تتعلق بإغراء الجائزة التي يحصل عليها السينمائي العراقي لغاية في نفس منظمي هذا المهرجان او ذاك.
لا بأس في تناول بعض المواضيع التي نتجت عن التغيير ولكن مهمة السينما هي طرح الحلول، ولو حلولا مقترحة على الاقل.
وهناك العديد من الافلام العربية والعالمية التي تناولت احداثا غيرت كثيرا في حياة بعض الشعوب يمكن ان تتخذ مثالا يحتذى به، ولمن يقول هناك شحة في المواضيع، فأحيله الى قول الجاحظ « المعاني ملقاة على الطرقات» ففي كل زاوية من زوايا مدننا من الشمال الى الجنوب هناك حكاية يمكن ان تحول الى سيناريو يصلح لأن يكون فلما.
السينما العراقية تشابه المواضيع، ضياع التميز
التعليقات مغلقة