نيويورك تايمز: أي استفزاز جديد بالخليج يسبب كارثة إقليمية والحكمة في الحوار لا الصدام

بيتر ادموند *
ترجمة ـ سناء علي:

لا يمكن غض النظر عن ان اي استفزاز جديد من قبل ترامب في مياه الخليج العربي سيؤدي الى كارثة اقليمية , خاصة ان اميركا وايران في الوقت الحالي يسيران في اتجاه حرب تصادمية، على الرغم من رغبة الجميع بحوار سلام من اجل الخروج من الازمة .
ومما لا شك فيه أن الانفجارات التي هزت ناقلتي النفط في خليج عمان، يوم الخميس قبل الماضي، تستحق الشجب، حيث إن تلك الهجمات استهدفت أهدافاً مدنية، كما ان الكثير من الاطراف وجهت اصابع الاتهام للحرس الثوري الايراني في تنفيذ تلك العملية .
هناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها حول الحادث، ليس فقط ما جرى يوم الخميس قبل الماضي، ولكن أيضاً الحادثة التي وقعت الشهر السابق، عندما ألقى مسؤولون أميركيون بالتهمة على إيران بالوقوف وراء الهجمات التي استهدفت أربع ناقلات نفط على الممر المائي نفسه الذي يربط الخليج العربي، ويمر منه نحو ثلث النفط العالمي.
ما جرى الخميس قبل الماضي، والحادثة التي سبقته، يؤكدان أن الولايات المتحدة وإيران يسيران في طريق تصادمي، في وقت لا يهتم المتشددون من كلا الجانبين بأي دور دبلوماسي .
بعد الانسحاب من اتفاقية عام 2015 التي قيدت البرنامج النووي الإيراني؛ في سعي خيالي إلى صفقة أفضل، شرع الرئيس دونالد ترامب في حملة جديدة للضغط على إيران؛ حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة، وهناك خطط لمزيد من ذلك؛ بهدف وقف صادرات النفط الإيرانية التي تعتبر المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد.
يقول مسؤولو الإدارة الاميركية، إن هذه الاستراتيجية تعمل بشكل جيد؛ فالتمويل الذي تقدمه طهران لوكلائها في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني، انخفض، ولكن مع ذلك فإن القادة الإيرانيين لم يستسلموا أبداً لمطالب واشنطن، ومستمرون بالعمل من أجل إحباط الأهداف الاميركية في كل من سوريا والعراق وأماكن أخرى من المنطقة.
إيران -رداً على العقوبات الاميركية-تتجه حالياً لتجاوز القيود التي فرضها الاتفاق النووي , كما إن إيران أعلنت خططاً لزيادة مخزونها من الوقود النووي المستخدم في المفاعلات، وربما يكون الحرس الثوري الإيراني صاحب النفوذ الاقتصادي والعسكري على خلاف مع القيادة السياسية في البلاد، ومن ثم فإنه بدأ يهدد الملاحة الدولية من خلال مثل هذه العمليات الهجومية.
يدرك الإيرانيون مدى إلحاق الضرر بالصراع مع الولايات المتحدة، لكن المسؤولين أشاروا -لفترة طويلة-إلى أنه إذا لم يتمكنوا من تصدير نفطهم والحفاظ على اقتصادهم، فلن يُسمح لأي دولة خليجية بذلك.
كما أن افتقار إدارة ترامب إلى وجود استراتيجية متماسكة للتعامل مع إيران قاد إلى سلسلة من الرسائل المتضاربة، التي تسهم جميعها في شعور متزايد بالنبذ وعدم القدرة على التنبؤ.

  • عن صحيفة النيويورك تايمز

فبينما قال الرئيس ترامب إنه يريد إخراج أميركا من الحروب الخارجية، فإنه أمر أيضاً بإرسال قوات عسكرية إلى الخليج العربي، الشهر الماضي؛ ما أثار المخاوف مجدداً من إمكانية حصول عمل عسكري.
فضلاً عن ذلك، فإن الرئيس ترامب يواصل الاعتماد على صقور إدارته في الحصول على المشورة، وتحديداً جون بولتون، مستشار الأمن القومي، ومايك بومبيو وزير الخارجية، وجميعهم أعلنوا صراحة أن حوادث الناقلات تقف وراءها إيران، من دون تقديم دليل على كلامهم.
كما إن ترامب في مقابل ذلك ما زال يعوّل على إمكانية إجراء محادثات مع الإيرانيين، على الرغم من عدم وجود أي تجاوب حيال هذا الطرح لا في طهران ولا في واشنطن، لكنه يبقى أفضل من خيار التصعيد الذي يفضّله بعض مستشاريه.
وقد يكون من السابق لأوانه التوصل إلى صفقة، ولكن ليس من السابق لأوانه رسم مسار للخروج من هذا الاضطراب.
قد يكون من الضروري بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها إعادة تحميل ومرافقة ناقلات النفط في الخليج العربي، كما حدث في عامي 1987 و1988، في أثناء الحرب العراقية الإيرانية.
وترى أيضاً أن «الحوار بين إدارة ترامب والحكومة الإيرانية سيكون حكيماً، برغم أن إيران قد تثبت عدم رغبتها في التحدث ما لم يتم تخفيف العقوبات وانضمام الولايات المتحدة إلى الصفقة النووية.»
وفي الوقت نفسه يجب أن تتوقف الهجمات على الملاحة المدنية في أحد أكثر الممرات المائية الدولية حيوية في العالم، التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط الخام بأكثر من 3%، يوم الخميس الماضي؛ فكل استفزاز جديد سيجعل من الصعب تجنب كارثة إقليمية جديدة.


مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة