متابعة الصباح الجديد :
تلك الأصوات التي لا نرى مصدرها، والخيالات التي تمر بجوار أعيننا، ونلتفت فلا نجد أحدًا، والشعور المخيف الذي يكبلك في مرحلة ما قبل اليقظة وأنت في فراشك، كل تلك الهلاوس قد تكون مضحكة حين تراها في فيلم، أو يمر بها شخص آخر، ولكن من وجهة نظر هذا الشخص الأمر ليس مضحكًا، بل أحيانًا يكون مرعبًا للغاية.سنوضح عن ثلاثة أنواع من الهلاوس التي قد تصيب الإنسان واسبابها؟
هلوسات قبل النوم..
شخصيات “كارتونية”
هل استيقظت لفترة طويلة من قبل بسبب القلق للحد الذي جعلك ترى خيالات معك في الغرفة ليست موجودة بالفعل؟ إذا حدث هذا فأنت لا تتخيل، ولكنك تهلوس.
الحرمان الشديد من النوم، سواء لأسباب جسدية، مثل التقلبات الهرمونية أو السمنة، أو لأسباب نفسية، مثل القلق والاكتئاب، لديه القدرة بعد فترة من الوقت وإن لم يُعالج بحكمة ” يضع صاحبه وسط عالم من الهلاوس قد يؤثر على كفاءته في العمل والحياة الاجتماعية”.
الصداع وزيادة ضغط الدم من مخاطر الحرمان من النوم، ولكن الهلاوس هي الأمر الذي أكده الطب مؤخراً على أنه واحد من أهم مخاطر تلك الحالة الصحية. ففي دراسة أجريت خلال العام الماضي 2018.
أكد القائمون عليها أن الهلاوس عرض جانبي للحرمان من النوم، وهذا من خلال دراسة 760 حالة حُرمت من النوم ما بين 24 ساعة، وحتى 92 ساعة.
ورصدت الدراسة من خلال مراقبة الحالات حدوث هلاوس بصرية وتشوهات حسية لما يزيد عن 90% من المشتركين في الدراسة.
وأكد الباحثون في إطار الدراسة أن الهلاوس البصرية هي الأكثر حدوثُا في حالة الحرمان من النوم، في حين جاءت الهلاوس الحسية الجسدية، والهلاوس السمعية، في المرتبة الثانية والثالثة، مؤكدين أن أعراض الهلاوس تبدأ ببطء بعد مرور أول 24 ساعة، ومن ثم تبدأ في التزايد.
الحرمان من النوم كان من أحد أساليب التعذيب المتعبة لدى الاستخبارات الأميريكة، وهو الأمر الذي منعه مجلس الشيوخ الأميريكي مؤخرًا، وهذا بعد أن تعرض خمسة من المحتجزين لهلوسات مزعجة بسبب حرمانهم الطويل من النوم.
وأوضح داني إيكرت أستاذ علم الأعصاب والنوم بجامعة «نيو ساوث ويلز» أن الإنسان يحتاج للنوم حتى لا تتراكم مادة الأدينوزين في المخ، وهي التي تكون مسؤولة عن الهلوسات التي تهاجم الشخص الذي يُحرم من النوم.
المخاطر التي تسببها زيادة الهلاوس بسبب الحرمان من النوم قد تصل إلى أعراض ذهانية حادة، ويمكن لصاحب الهلاوس أن يفقد أجزاءً من ذاكرته في فترة الاستيقاظ الطويلة، بجانب رؤيته المختلفة للعالم المُحيط به، فلا يرى أقاربه وأصدقاءه الرؤية المعتادة، فقد يشك فيهم أو يشكك في تصرفاتهم، وفي قليل من الأحيان قد يتعرض لهلاوس مضحكة، وكأنه يرى من حوله مثل شخصيات الرسوم المتحركة، وهو الأمر الذي يكون غير لائق، خاصة في أماكن العمل، لأن نوبات الضحك قد تسيطر على الشخص الذي يتعرض لتلك النوعية من الهلاوس.
هلوسة شلل النوم..
ضمن “الأكثر رعبًا”
شلل النوم أو «الجاثوم» كما تُطلق عليه بعض الثقافات، هو عجز مؤقت عن الحركة أو الكلام يتعرض لها الإنسان في منطقة وسط بين النوم والاستيقاظ، ويستمر لمدة ثوان أو دقائق قليلة، ولكنه يكون مخيفًا لمن يمر به لدرجة الرعب.
وتلك الحالة تصيب المرء على الأقل مرة طوال عمره، في حين هناك من يختبرها كثيرًا إذا كان مريضًا بالقلق المزمن أو مشكلات عامة في النوم، وفي تلك الحالة التي يشعر فيها الإنسان أن جسده كله مُكبل، ولا يستطيع الحركة، بالرغم من أنه يرى ويسمع ما حوله، يمر بأحد أنواع الهلاوس، والتي صنفها الأطباء بكونها من أكثر الهلاوس رعبًا، نظرًا لأن الإنسان يشعر وكأنها حقيقة تمامًا، إلى جانب أنه لا يستطيع الحركة، أو الهرب، أو حتى الصراخ.
هلاوس شلل النوم قد تكون بصرية، وقد يرى فيها الشخص أناسًا آخرين معه في الغرفة، ولكن يكون شكلهم مخيفًا، وكأنهم كائنات غريبة، وهو الأمر الذي أطلق عليه البعض اسم «شيطان غرفة النوم»، بينما البعض الآخر قد يرى أضواء ساطعة متعددة تعمي العين من قوتها، والبعض الآخر يتعرض لهلاوس سمعية، والتي تكون عبارة عن طرقات على الباب، أو خطوات شخص في الغرفة، ولكن الهلاوس الأكثر رعبًا في تلك الحالة هي هلاوس اللمس حين يشعر الإنسان أن هناك من يحاول تقييد حركته بيديه، أو الشعور بأن هناك جسدًا باردًا يحتضن من يمر بالهلوسة، والبعض يختبر تجارب أصعب، مثل الشعور بحشرات مخيفة تسير على الجلد العاري، وأحيانًا يتعرض البعض لهلاوس توحي لهم بأن هناك من يغتصبهم في أثناء النوم وكأنها حقيقة.
هلوسة العمى..
متلازمة الرؤية الوهمية
هل تظن أن فقدان البصر قد يمنع الإنسان من الهلاوس؟ في الواقع إن الهلاوس تأتي من العقل، وليس من البصر، وللعقل أساليب كثيرة ومعقدة للتعامل مع الخسارة، سواء النفسية أو الجسدية، ولذلك فبعد فقدان الإنسان لبصره بأسابيع، أو شهور، تبدأ لديه نوعية معروفة طبيًا من الهلاوس يُطلق عليها هلاوس العمى، أو متلازمة شارل بونيه، أو الرؤية الوهمية، والتي يحاول فيها العقل ملء الفجوات البصرية التي يفتقدها العقل بعد فقدانه للبصر من خلال مشاهد وصور من ابتكار العقل، وتلك الهلاوس لا تدل على أي خلل عقلي للمصاب بها، بل إنها واحدة من الأعراض الشائعة للإصابة بفقدان البصر.
عُرف هذا النوع للمرة الأول في العام 1760 حينما اختبر شارل بونيه الفيلسوف وعالم النباتات السويسري الهلاوس التي تمر بها جدته البالغة من العمر 90 عامًا، والتي تعرضت لعملية إزالة المياه البيضاء في كلتا العينين، ومع الوقت تدهورت رؤية الجدة، وبدأت ترى ما حولها بصورة مختلفة، وكأن الأشياء تتحول إلى أشباح، أو رسوم كاريكاتورية من شكلها الأصلي، الأمر الذي وصفه في ذاك الوقت بالرؤية الشبحية، وهو الأمر الذي أكده الطب فيما بعد.
نوع جديد من الهلوسات..
هل سيكون خطيراً
الحرمان الحسي، أو العلاج التحفيزي بالبيئة المريحة هو تقنية تعمل على تقليل المدخلات الحسية، مثل الصوت والضوء والرائحة لمن يتعرض للتجربة، وهذا لتشجيع الجسد على مرحلة عميقة للغاية من الاسترخاء، وعادة ما تتم تلك التجربة بوضح الجسد في خزان مليء بمحلول الماء الدافيء الممزوج بالملح، ومنع الصوت والضوء عن الحالة، وتلك الحالة لها فوائد جسدية ونفسية.
هكذا تبدو طريقة العلاج بالحرمان الحسي، مصدر الصورة “فلوت كولكشن”
تلك الطريقة الفريدة للعلاج النفسي والاسترخاء والتي لم تنتشر في أنحاء العالم بكثرة بعد، ما زالت تحت منظار الأبحاث الطبية، خاصة بعد أن ذكر أكثر من شخص مروره بهلاوس سمعية وبصرية في أثناء تواجدهم في تلك التجربة، والدراسات التي أجريت من أجل اكتشاف هذا الأمر لم تجد أي خطورة من تلك الهلاوس.
موضحين أنها مجرد عرض جانبي لحالة الاسترخاء النادرة التي يمر بها الإنسان داخل هذا الجهاز الغريب، والتي تجعله يشعر بانفصال عن جسده، وفي تلك الحالة تكون الهلاوس غير مخيفة، بل تجسد ما يريده الإنسان ويحبه، مثل الطيران، أو رؤية أماكن خيالية جميلة.