أكثر من 6 ملايين عراقي منذ اندلاع الصراع مع داعش عام ٢٠١٤
بغداد ـ الصباح الجديد:
أكملت المنظمة الدولية للهجرة في العراق مؤخرًا مجموعتين من الدراسات المتناغمة التي بحثت العوامل الكامنة وراء النزوح المطول في العراق وكذلك إمكانيات اندماج العائلات العراقية النازحة في المجتمعات المضيفة.
كان تركيز الجزء الأول من الدراسة مزدوج، حيث حللت الدراسة كلاً من مناطق المنشأ والنزوح الرئيسة، وبذلك حددت العقبات التي تحول دون عودة النازحين داخلياً وتقييم كيفية تأقلمهم في مناطق النزوح والعودة.
حيث كشفت النتائج بأن ٤١ بالمئة من إجمالي عدد النازحين داخليا في الموصل وسنجار {نينوى} هم من مناطق المنشأ، في حين أن ربعهم من مناطق الحويجة في كركوك، وبيجي في صلاح الدين والفلوجة والرمادي في الأنبار، و تلعفر و البعاج في نينوى.
لقد نزح أكثر من ستة ملايين عراقي منذ اندلاع الصراع مع داعش في عام ٢٠١٤، ومازال هناك أكثر من ١.٧ مليون شخص في حالة نزوح.
في حين أن 61 بالمئة من النازحين داخليا يعتبرون حاليًا من النازحين الذين طال أمد نزوحهم، مما يعني أنهم نزحوا منذ أكثر من ٣ سنوات، ومعظمهم تقريبًا معرضون لخطر النزوح المطول. ففي الواقع وكما توضح الدراسة، فإن الأشخاص النازحين داخليا لا ينتقلون {أو قد ينتقلون بصورة بطيئة جداً} من مناطق النزوح {أقل من ١٥٪ منذ آيار ٢٠١٨}، حيث يخطط جميعهم تقريبًا للبقاء في مناطق النزوح لمدة ١٢ شهرًا على الأقل.
فالسبب الرئيسي الذي ذكره النازحون داخليا للبقاء في النزوح هو منازلهم المدمرة في مجتمعاتهم الأصلية، حيث يشكل هذا السبب عقبة امام العودة لقرابة ٥٢٪ من النازحين خارج المخيم وبنسبة ٣٨٪ من النازحين المقيمين داخل المخيم.
أما الدراسة الثانية التي تم تنفيذها بالاشتراك مع المنظمة الدولية للهجرة في العراق ومجموعة عمل العودة {RWG} والتحقيق الاجتماعي، استكشفت مدى وأرجحية الاندماج المحلي للعائلات النازحة منذ فترة طويلة في محافظتي السليمانية وبغداد.
حيث تبحث «مقررات دمج النازحين داخليا في المجتمعات المضيفة في العراق» في الحالة من خلال حقلين: تجربة وتصورات النازحين داخليا في موقع نزوحهم وكذلك تجربة المجتمعات المضيفة. تحدد الدراسة العوامل التي تجعل النازحين داخليا يشعرون بمزيد من الاندماج في مجتمعهم المضيف والعكس، مما يجعل المجتمع المضيف أكثر تقبلا لهم.
وبصورة شاملة توضح الدراسة بأن الوضع الاقتصادي للنازحين داخليا هو العامل الرئيسي الذي يؤثر على اندماجهم. على سبيل المثال، من المرجح أن يشعر النازحون ممن لديهم مدخرات أثناء وقت النزوح بأنهم مندمجون في المجتمع المضيف أكثر من غيرهم.
وقالت مارتا رويدس، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق، «لا يمكننا وضع استراتيجيات فعالة لحلول دائمة للنزوح إذا لم نفهم أسباب بقاء الكثير من العراقيين في حالة نزوح، ولا يمكننا تسهيل هذه الحلول الدائمة إذا لم نفهم ما هي العوامل التي يمكن أن تسهل أو تمنع عودة أو إدماج السكان النازحين. وأضافت، «إن هذه الدراسات التي أجرتها المنظمة الدولية للهجرة وشركاؤها أتت في الوقت المناسب حيث أن فريق الأمم المتحدة القطري في العراق بصدد تقديم المشورة والمساعدة إلى الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان لتوفير حلول مستدامة وكريمة للعديد من الأسر العراقية التي مازالت في حالة نزوح «.
وبهذا الصدد صرح جيم كاربي، ممثل وزارة التنمية الدولية بالمملكة المتحدة «يسرالوكالة البريطانية للتنمية الدولية {UKAID} دعم المنظمة الدولية للهجرة في العراق بهاتين الدراستين المتعمقتين اللتين ألقتا مزيدًا من الضوء على كيفية حل النزوح المطول في العراق. حيث ستفيد النتائج والتوصيات الرئيسية البرامج والسياسات التي تهدف إلى إيجاد حلول دائمة للنزوح.»
كما صرح جيرارد وايت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق «إن مثل هذه الأبحاث مفيدة للجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية على حد سواء، لضمان الاندماج المستدام للنازحين داخليا في مجتمعاتهم الأصلية والعودة، ونحن سعداء بالمساهمة في زيادة التفاهم حول مناقشة الحلول الدائمة في العراق ، ونتطلع إلى دعم حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان بخصوص هذا المسعى».
أما بعد عامين ونصف أي نحو في تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠١٨، انخفض هذا العدد إلى النصف تقريباً ليصل إلى ١.٨٧ مليون شخص. ومعظم هؤلاء النازحين قرروا البقاء حيثما يقيمون الآن على مدى الإثني عشر شهراً المقبلة.
وعموما يوصف النزوح الطويل الأمد بأنه وضع صعب لا يستطيع فيه النازحون الحد من حالة البؤس والضعف والفقر والتهميش الناجم عن النزوح.
فبحسب دراسة (أسباب البقاء: تصنيف النزوح المطول في العراق) الصادرة اليوم ٢٠ تشرين الثاني التي تم تنفيذها من قِبل المنظمة الدولية للهجرة في العراق بالتعاون مع فريق العمل للعائدين، يوصف فيه النزوح المطول في العراق بأنه المنصة التشغيلية لأصحاب المصلحة بشأن عمليات العودة والتحقيق الاجتماعي ومعهد البحوث في العراق، اضافة إلى المساهمة والدعم المقدم من قِبل وزارة الهجرة والمهجرين للحكومة العراقية.
وبهذا الصدد قال جيرارد وايت رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق، « يوصف البقاء في حالة النزوح على المدى الطويل بينما حالة الطوارئ لم تعد موجودة، بالفترات الطويلة من الاغتراب والحنين للمنطقة الأصل مما يشكل تحديًا كبيرًا للنازحين وعائلاتهم».
وأضاف، «العثور على حلول دائمة للنزوح هي عملية طويلة الأجل تتطلب تعاونًا وثيقًا بين الحكومة ومجموعة من العاملين في المجال الإنساني. ويشمل هذا الدعم مساعدة النازحين داخلياً على تحسين قدراتهم على التكيف والاعتماد على الذات بالإضافة إلى تسهيل الأوضاع البيئية لاستيعاب النازحين والعائدين في المجتمعات المضيفة «.
فهناك العديد من الأسباب في العراق تجبر النازحين على البقاء في النزوح. حيث تسعى الدراسة إلى تصنيف هذه الأسباب إلى خمس فئات: العقبات المتعلقة بالإسكان، سبل كسب العيش والخدمات الأساسية، التماسك الاجتماعي، الأوضاع الأمنية، حالات الصحة الذهنية والاضطرابات النفسية والاجتماعية.
ومن خلال تلك الدراسة تبين أن السبب السائد لحالات النزوح على المدى الطويل هو منازل النازحين المدمرة في مناطقهم الأصل، بالإضافة إلى قلة فرص سبل كسب العيش وانعدام الأمن.
يعد هذا التقرير بمثابة الخطوة الأولى في عملية تقديم التحليل الشامل الذي يستند إلى الموقع الجغرافي للنازحين المتبقين والعقبات التي تحول دون عودتهم إلى منطقة الأصل.