لم تنضج خلال السنوات المنصرمة العلاقة بين النائب والوزير وبقيت السجالات والاتهامات بينهما طاغية على المشهد السياسي وتوهم البعض ان مثل هذه السجالات والمناكفات هي جزء من العملية الديمقراطية ودلالة من دلالات حيوية النظام التعددي وقد نتفق ونصدق بذلك الا ان ما جرى ويجري في العراق هي صورة مشوهة تفردت فيها السلطة التنفيذية بعيدا عن مساراتها واستحوذت على الصلاحيات في ظل غياب اي تنظيم للعلاقة مع النائب البرلماني فيما حاول البعض اغراق مجلس النواب بالمزيد من التشريعات وإلباسه ثوبا فضفاضا والتوسع في مهامه والتدخل في كل صغيرة وكبيرة من اعمال السلطة التنفيذية وبين هذا وذاك ضاعت ملامح تحديد العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية وفقد المواطن العراقي البوصلة التي يمكنه فيها فهم مايجري داخل قبة البرلمان وفي اروقة الحكومة وادى هذا التباين والاجتهاد في تفسير الصلاحيات الى صنع الفوضى وشيوع الارتباك في مسارات ادارة الدولة وقد آن الآون ان يصل الطرفان الى آلية محكمة او ميثاق رصين يحدد العلاقة بينهما بما يخلق التوازن بين العمل التشريعي والاداء التنفيذي وبما يمكن اعضاء مجلس النواب من ممارسة حقهم في الرقابة من دون تجاوز لحدود هذه الرقابة وفي الوقت نفسه بما يمكن الوزير او الموظف في الحكومة من رسم وتنفيذ الخطط التنفيذية من دون قيود او خوف او تدخل من قبل اعضاء مجلس النواب ..
ان تجارب اكثر من اربع دورات انتخابية افرزت شعورا لدى المواطن العراقي بالتشكيك في قوة ورصانة النظام السياسي وتشتت الصلاحيات مع سعي بعض القوى داخل القبة التشريعية على التشبث بأقصى مايمكن من القوانين التي تتيح تحقيق السطوة المطلقة للبرلمان على الحكومة وفي الجانب الاخر هناك من يريد للسلطة التنفيذية ان تبقى مصانة ومحصنة من أي قرارات تمس قدرة الوزير على التحكم بملفات الادارة وقد اسهم هذا التنازع في تشويه التجربة السياسية في العراق وتعرضها للانتقاد والتشكيك داخليا وخارجيا وان اعادة النظر بحلقات الاختلاف وازالة الغموض في تفسير بعض القوانين والوصول الى رؤية تأخذ بنظر الاعتبار قوة النظام البرلماني وتأمين دوره الرقابي واستقلالية العمل الحكومي واحترام تطبيق آليات التنفيذ ورصانته كفيل بالخروج من مساحات الارتباك وفوضى الصلاحيات وتعدد الاجتهادات الذي لم ينتج لنا سوى المزيد من المناكفات واستعراض القوة لكل طرف امام وسائل الاعلام.
د. علي شمخي