ارجاء انتخابات الرئاسة الجزائرية بعد عدول بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة

الابراهيمي يرأس مؤتمرا يشكل أساس نظام جديد

متابعة ــ الصباح الجديد :

صرح مصدر حكومي جزائري أمس الثلاثاء بأن مؤتمرا عن المستقبل السياسي للبلاد كان قد اقترحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، سيضم ممثلين للمتظاهرين بالإضافة إلى شخصيات لعبت دورا بارزا في حرب الاستقلال التي استمرت من عام 1954 إلى عام 1962، وان الدبلوماسي الجزائري المحنك الأخضر الإبراهيمي سيرأس هذا المؤتمر.
هذا وأعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة امس الاول الاثنين، عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وفي الوقت نفسه إرجاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 نيسان الى أجل غير محدد، وذلك بعد أسبوعين من تظاهرات غير مسبوقة في البلاد رفضا لبقائه في الحكم.
وفور إعلان القرار، سارت في شوارع الجزائر سيارات أطلقت أبواقها، بينما كانت هتافات تردّد «احنا جبناها بالسلمية، بالسلمية أسقطنا البوبية»، أي «الدمية»، كما يطلق المتظاهرون على بوتفليقة الرئيس المريض البالغ 82 عاما.
وقال بوتفليقة في «رسالة الى الأمة» نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، إن الجزائر «تمرّ بمرحلة حساسة من تاريخها».
واضاف أنه تابع «المسيرات الشعبية الحاشدة» التي شهدتها البلاد»، ويتفهم «ما حرّك تلك الجموع الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا هذا الأسلوب للتعبير عن رأيهم»، منوها ب»الطابع السلمي» للتحرك.
وتشهد الجزائر منذ 22 شباط تظاهرات واسعة وحاشدة غير مسبوقة في كل أنحاء البلاد رفضا لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة. وعاد بوتفليقة الأحد الماضي الى الجزائر بعد غياب لمدة أسبوعين في جنيف أجرى خلالهما «فحوصا طبية»، بحسب الرئاسة.
وقال في كلمته التي نشرت امس الاول الاثنين «لن يجري انتخاب رئاسي يوم 18 من أفريل (نيسان) المقبل. والغرض هو الاستجابة للطلب الملّح الذي وجهتموه إليّ».
وأضاف أنه سيتمّ تشكيل «ندوة وطنية جامعة مستقلة ستكون هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس وإعداد واعتماد كل الإصلاحات التي ستشكل أسس النظام الجديد»، على أن «تحرص على أن تفرغ من مهمتها قبل نهاية عام 2019».
وأوضح أن «الندوة الوطنية» هي التي ستتولّى «تحديد موعد تاريخ إجراء الانتخاب الرئاسي الذي لن أترشح له بأي حال من الأحوال».
وأشار الى أن الندوة ستكون «عادلة من حيث تمثيل المجتمع الجزائري ومختلف ما فيه من المشارب والمذاهب»، وستعد مشروع دستور «يعرض على الاستفتاء الشعبي».
وتابع الرئيس الجزائري في رسالته أن الانتخاب الرئاسي «سينظم عقب الندوة الوطنية الجامعة المستقلة تحت الإشراف الحصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة».
كما تعهّد «بتسليم «مهام رئيس الجمهورية وصلاحياته للرئيس الجديد الذي سيختاره الشعب الجزائري بكل حرية».
وبعيد رسالته، أوردت وكالة الأنباء الجزائرية أنه تمّ تعيين وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي رئيسا للوزراء. وسيتولى بدوي هذا المنصب خلفا لأحمد أويحيى. وأوكلت إليه مهمة تشكيل حكومة جديدة، بحسب الوكالة.
وذكرت الوكالة أيضا أنه تم تعيين رمطان لعمامرة نائبا لرئيس الوزراء، ولم يعين أحد في هذا المنصب منذ 2012. وسيتولى لعمامرة، وهو دبلوماسي مخضرم يحظى باحترام في الخارج، أيضا منصب وزير الخارجية.
وقال لعمامرة في تصريحات لإذاعة فرنسا الدولية إنّ الانتخابات المقبلة ستكون «حرة تماما»، داعيا كافة الجزائريين في ضوء هذه «المسؤولية التاريخية» للعمل سويا «من اجل مستقبل أفضل».
وقال بوتفليقة أيضا في رسالته «لا محلَّ لعهدة خامسة، بل إنني لـم أنْوِ قط الإقدام على طلبها حيـث أن حالتي الصحية وسِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري، ألا و هو العمل على إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد الذي نصبو إليه جميعًا».
تعهد
ويعاني الرئيس الجزائري البالغ من العمر 82 عاما من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها في 2013، ولا يظهر علنا منذ مرضه إلا نادرا. وهو لا يستطيع الكلام ويتنقل على كرسي متحرك.
وتقول الخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو الأستاذة في جامعة الجزائر، «لا يوجد أي أساس قانوني لإرجاء الانتخابات. الدستور الجزائري غير فعال نسبيا في مواجهة أزمة سياسية».
ويشدد الجزائريون الذين اجتاحوا الشوارع، وهم طلاب ومحامون وصحافيون، ومن كل الفئات العمرية والقطاعات العاملة، على الطابع السلمي لتحركهم الذي حمل عشرات الآلاف على المشاركة في تظاهرات لم تسجل فيها حوادث خطيرة.
وكانت الجزائر شهدت الاثنين إضرابا عاما لليوم الثاني على التوالي، كانت الاستجابة له متفاوتة.
وسارت تظاهرات الجمعة الماضي حاشدة للاسبوع الثالث على التوالي في المدن الكبرى في الجزائر رفضا لترشح بوتفليقة.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، دعا بعض الجزائريين إلى مواصلة التظاهرات إذ إن بوتفليقة أعلن عدم ترشحه لكنه سيبقي فعليا في السلطة.
وتساءل الموظف أحمد بختي البالغ 28 عاما «ماذا يعني ذلك حين يعلن أنه لا يريد عهدة خامسة لكنه يضيف عاما (لعهدته الحالية)».
في باريس، رحبّ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بقرار الرئيس الجزائري العدول عن الترشح، «واتخاذه إجراءات لتحديث النظام السياسي الجزائري».
وأضاف لودريان في بيان «غداة التظاهرات الكبرى التي حصلت بهدوء واحترام في كل أنحاء الجزائر، تعرب فرنسا عن أملها في أن يتم سريعا إطلاق دينامية جديدة من شأنها تلبية التطلعات العميقة للشعب الجزائري».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة