الحرصُ المَرَضُ المُذّل..!

-1-
هناك منظومة من السمات والصفات الايجابية تكون بمثابة الأوسمة التي يُكرّم بها البارعون والمبدعون في شتى الحقول .
أليس الجودُ والكرم في طليعة تلك الصفات ؟
وهل رأيت جواداً يذمه الناس ؟
وما يقال في الجود والسماحة، يقال في الايثار والوفاء والصدق والاخلاص وسائر السمات الاخلاقية الراقية ..
-2-
وهناك منظومة أخرى من الصفات والسمات تقابل المنظومة الحميدة ..
انها المنظومة السوداء التي تُوجبُ الذمَّ والاحتقار .
ويقف الحرص في طليعة تلك الصفات السلبية، والقاسم المشترك بين الجبن والبخل والحرص هو سوء الظن بالله .
فالحريص يكاد لا يُصدق أنْ شيئا مما في يده اذا خرج منها ، يعود اليها ما يساويه أو ما يزيد عليه..
انه ضعيف الايمان واليقين ..!!
إنّ مصدر النعم هو الله سبحانه ، وكما أنعم الله على الانسان بألوان من النعم فيما مضى من عمره ، فانه لن يتخلى عنه في الحاضر والمستقبل..، ولكنَّ ذلك كله بحاجة الى يقين راسخ ، واعتقادٍ ثابت لا يتزعزع ، والحريص محروم من كل ذلك بما كسبت يداه ..!!
-3-
جاء في الحديث عن الامام ابي جعفر الباقر (ع) انه قال :
{ مَثَلُ الحريص على الدنيا كمثل دودة القز ، كلما ازدادت من القزّ على نفسها لفّاً ، كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غمّا }
وقد أخذ الشاعر هذا المعنى فقال :
ألم تر انَّ المرءَ طولَ حياتهِ
حريصٌ على مالا يزال يناسِجُهْ
كدُودٌ كَدودِ القزِّ ينسجُ دائما
فيهلكُ غّماً وَسْطَ ما هو ناسِجُهْ
-4-
ولقد جاء في الحديث أيضا :
{ حُرم الحريص خصلتين ،
ولزمته خصلتان :
حُرم القناعة فافتقد الراحة ،
وحُرم الرضا ، فافتقد اليقين )
فلا راحة لحريص، فهو في تعب وشقاء ..
ولا يدع الحرصُ لصاحبه مجالاً للرضا، فهو مضطرب قلق متبرم ساخط حتى حين تنهمر عليه الأموال …
أليست هذه الحالة المُزرية من أشد الحالات إيلاما للنفس وإرهاقاً لها ؟!
وهكذا يوقع الحرص أصحابه في المطبّات، ويدفع بهم الى الحُفر العميقة بأخطارها :
نفسيا وأخلاقيا واجتماعيا فضلاً، عن تبعاتها الشرعية الوخيمة .
-5-
وقد روي عن الرسول الاعظم (ص) انه قال :
( أغنى الناس من لم يكن للحرص أسيراً )
وهكذا يتبدّى لنا أنّ الحرص الشديد هو الفقر الذي يفر الحريص منه ..!!
وقد وقع فريسةً له وأسيراً بين يديه .
قال المرحوم الشيخ محمد رضا الشبيبي :
فَفَقِيرٌ مَنْ غِناهُ طمعٌ
وغنيٌّ مَنْ يرى الفقرُ غِنى
-6-
وسئل امير المؤمنين :
أيُّ ذُلٍّ أذلّ ؟
قال :
الحرص على الدنيا ”
ولا شيء أنكى من الذل ،فهو مرّ المذاق ولا يكاد يُطاق .
-7-
وهناك علامات للشقاء أربع – كما جاء في بعض الاحاديث
أولها : جُمودُ العين فلا تنساب منها الدموع ..!!،
وثانيها : قسوة القلب فلا رقة فيه ولا خفقة حنان ،
وثالثها : شدة الحرص في طلب الدنيا ،
ورابعها : الاصرار على الذنب
أعاننا الله واياكم على أنفسنا من هذه الآفات ، ووفقنا واياكم للانابة والطاعات .
حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة