معارك عنيفة في الحديدة غرب اليمن لقطع طريق الإمداد الرئيس للحوثيين

برغم تأكيد التحالف نيّته عدم التصعيد
متابعة ـ الصباح الجديد:

اشتدّت المعارك بين القوات اليمنية الموالية للحكومة والمتمردين الحوثيين في محيط مدينة الحديدة في غرب اليمن امس الاول الاثنين، رغم تأكيد التحالف العسكري الداعم لقوات الحكومة المعترف بها دوليا نيّته «خفض وتيرة اعمال العنف».
وأكّد مسؤولون في القوات الحكومية لوكالة فرانس برس أن هذه القوات تحاول قطع طريق إمداد رئيسي للمتمردين شمال الحديدة المطلّة على البحر الاحمر، لكن التحالف شدّد رغم ذلك على أن هذه العملية ليست «هجوما» باتجاه ميناء المدينة الاستراتيجي.
ويشهد اليمن منذ 2014 حربًا بين المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، تصاعدت مع تدخل السعودية على رأس التحالف العسكري في آذار\ 2015 دعما للحكومة المعترف بها دولياً بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة بينها صنعاء ومدينة الحديدة.
واندلعت الخميس الماضي معارك عنيفة في محيط مدينة الحديدة التي تضم ميناء تدخل عبره غالبية السلع التجارية والمساعدات الموجّهة الى ملايين السكان.
وقال مصدر في التحالف اشترط عدم الكشف عن اسمه في تصريح لوكالة فرانس برس «التحالف ملتزم بخفض وتيرة أعمال العنف في اليمن ، ويدعم بشدة العملية السياسية التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة».
لكن ثلاثة مسؤولين في القوات الحكومية في الحديدة أبلغوا وكالة فرانس برس عبر الهاتف ان المعارك اشتدت امس الاول الاثنين، وأن مواجهات شرسة تدور على أكثر من جبهة.
وقال «رئيس اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي، المسؤول السياسي رفيع المستوى في صفوف المتمردين، إن «التصعيد العسكري لتحالف العدوان محاولة حثيثة لإعاقة أي محادثات تهدف لوقف الحرب وإحلال السلام».
وأضاف في بيان نشرته وكالة سبأ التابعة للمتمردين أن «التصعيد دليل على زيف التصريحات» الاميركية، داعيا الى «الصمود والمواجهة»، قبل أن يقول في تغريدة على حسابه على تويتر ان «تصعيد العدوان سيبقى كابوسا لا يفارق مخيلاتهم».

*ليست «هجوما»
وبحسب المسؤولين العسكريين، تحاول القوات الحكومية قطع طريق الامداد الرئيسي للحوثيين شمال المدينة بعدما تمكّنت من قطع طريق الامداد الرئيسي الآخر شرق الحديدة قبل أسابيع.
وذكر هؤلاء أن طائرات التحالف ومروحياته الهجومية تشنّ ضربات بشكل مستمر وتواكب المواجهات منذ الصباح.
وأصرّ المصدر في التحالف على أن الاشتباكات المستجدّة ليست «عمليات هجومية» لدخول المدينة والسيطرة على مينائها، مؤكّدا ان التحالف «ملتزم بإبقاء ميناء الحديدة مفتوحا».
وبحسب المصدر نفسه فإن «الوضع الإنساني في اليمن غير مقبول. نحن ملتزمون بإنهاء الصراع في أسرع وقت ممكن». وقال إنه في حال «حضر الحوثيون، سنواصل جهودنا الإنسانية»، مؤكدا أنه «في حال لم يحضروا، سنواصل أيضا هذه الجهود».
وتزامنت المعارك الجديدة مع إعلان الحكومة اليمنية استعدادها لاستئناف مفاوضات السلام مع المتمردين الحوثيين.
وجاء التأكيد الحكومي غداة إعلان مبعوث الأمم المتّحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أنّه سيعمل على عقد مفاوضات جديدة بين أطراف النزاع في غضون شهر، بعيد مطالبة واشنطن بوقف لاطلاق النار وإعادة اطلاق المسار السياسي خلال 30 يوما.
وباءت آخر محاولة قام بها غريفيث لتنظيم محادثات سلام في أيلول الماضي في جنيف، بالفشل بسبب غياب الحوثيين.
وأعربت منظمة «سيف ذي تشيلدرن» امس الاول الأثنين عن «قلقها الشديد» من القتال في الحديدة قبيل اجراء محادثات سلام، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وقال مدير اليمن في المنظمة تامر كيرولوس في بيان إن «هذا التصعيد الخطير على أهم مدينة وميناء في اليمن قد يضع عشرات آلاف الأطفال في خط النار ويزيد من تضييق الخناق على إيصال الغذاء والدواء إلى بلد نقدر أن الجوع الشديد والمرض فيه يقتلان ما معدله 100 طفل يوميا».
واوضحت المنظمة أن العاملين في الحديدة «أبلغوا عن نحو 100 غارة جوية في نهاية الأسبوع، أي خمسة أضعاف الغارات في الأسبوع الأول من تشرين الأول «.
واعتبر المتمردون ان التصعيد في الحديدة مؤشر على ان الدعوات الاميركية لوقف الحرب والتي صدرت عن وزيري الدفاع والخارجية ليست جدية.

*حافة الهاوية
ومنذ بدء علميات التحالف في 2015، خلّف نزاع اليمن أكثر من عشرة آلاف قتيل و»أسوأ أزمة إنسانية» بحسب الامم المتحدة.
وكانت القوات الحكومية أطلقت في حزيران الماضي بدعم من التحالف حملة عسكرية ضخمة على ساحل البحر الاحمر بهدف السيطرة على ميناء الحديدة، قبل أن تعلّق العملية إفساحا في المجال أمام المحادثات، ثم تعلن في منتصف أيلول الماضي استئنافها بعد فشل المساعي السياسية.
وترعى الامم المتحدة في جنيف مشاورات جديدة بين أطراف النزاع اليمني في محاولة للتفاهم حول إطار لمفاوضات سلام تنهي الحرب في أفقر دول شبه الجزيرة العربية والذي يشهد أزمة إنسانية هي الأكبر في العالم.
وكان الحوثيون اتهموا في وقت سابق الأمم المتحدة بالتنصل من الاتفاق المتعلّق بظروف مشاركتهم في مشاورات السلام، مؤكدين أنهم سيتوجهون الى جنيف بعد أن يتم تأمين طائرة عمانية تقل الوفد الممثل لهم وعددا من الجرحى، وبعد منحهم ضمانات بالعودة الى صنعاء.
وقتل في المعارك المتواصلة منذ الخميس عشرات الاشخاص من الطرفين. وفي الساعات ال24 الماضية وصلت الى مستشفيين في محافظة الحديدة جثث 74 متمردا وعشرات الجرحى، وفقا لطبيبين في المستشفيين، بينما ذكرت مصادر طبية حكومية ان 15 عنصرا في القوات الحكومية قتلوا في الفترة ذاتها.
وذكرت وسائل إعلام سعودية مقتل ستة جنود سعوديين على الاقل «على الحدود الجنوبية» خلال الاسبوع الفائت دون أن تقدم مزيدا من التفاصيل.
وأفادت وكالة الانباء السعودية الرسمية الاثنين أنّ ولي العهد محمد بن سلمان زار جنودا جرحى يتلقون العلاج في مستشفى عسكري بالرياض.
ونشرت صورا تظهر الأمير الشاب، الذي تلطخت صورته كمصلح بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وهو يلتقط صور سيلفي مع الجنود وهو يعانقهم.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة