رسالة الى أمينة بغداد

كتبت في احدى المرات عن ان الحكومات نتاج الشعوب، ليس من حق شعب الكثير منه يمارس فعل السرقة بشكل او بآخر، ان يلوم لصوصية حكومة، او ان يصفها بالطائفية اذا كانت غالبيته متخندقة طائفيا او دينيا.
في العراق وبسبب غياب او تغييب القانون المتعمد، غلبت على ارضه عشوائية مقيتة بأكثر من زاوية، حتى صرنا نتحسر على منظر شارع او رصيف من دون نفايات، او مولدات كهربائية يحيطها عدد من المواد التي سورت به بشكل عبثي، وقبيح، او بضاعة لمحل، وغيرها من أسباب التشوه.
امتدت العشوائية الى دواخل النفس، فأصبح العراقي يقلب المعادلات والموازين، ويغير المفاهيم والمعاني حسب اهوائه وافكاره. يريد الحصول على الكثير، لكنه يخاف السعي، ويخاف حتى من الحصول على ما كان يحلم به، وكأن الوصول اليه، سيغير من تفاصيل حياته التي اعتاد عليها.
عدد ممن التقيتهم وسألتهم ماذا لو كنت امينا لبغداد قالوا: سأفعّل قوانين واستحدث قوانين لإزالة كل التجاوزات، ومعاقبة كل متجاوز لا يلتزم بالقانون، وفرض غرامات باهظة على كل منهم وعلى كل من يخرب منظر المدينة، وقبل هذا وذاك اختار أعضاء هيئة تنفيذية مخلصين، ومحبين للوطن، فحب الوطن أساس كل فعل خير، واساس لتفعيل وسن قوانين تصب في مصلحته!
بعض من هؤلاء كانوا ضمن فئة المتجاوزين على الرصيف، والمرتشين بحكم منصبهم الوظيفي، اذن ماذا ينتظر هؤلاء؟ فرض غرامات وعقوبات كي يبدأوا بتغيير انماط حياتهم؟.. هل ان حرصهم على منظر وروح بغداد مرتبط بالقوانين التي تفرض عقوبات؟ اذن ما أهمية الضمير، والصلاة والصوم وكل طقوس العبادة الحريصين جدا كل الحرص على أدائها؟
المشكلة التي يعاني منها العراقيون في الوقت الحاضر، ان الجهاز التنفيذي اما متراخٍ او فاسد، الا ما رحم ربي، واكتبها خوفا من ظلم أحد “لم اسمع به”. شاهدت بعيني هدم سور لإحدى المدارس التي اختارت اسم أحد الائمة ليكون عنوانا لجذب الاهل، بعدما أصبح الدين وسيلة للربح من تجّاره، وهنا تكمن المفارقة، اذ ان غالبية العراقيين العظمى يعانون الأمرين بسبب الأحزاب الإسلامية الدينية، لكن ما زال خداعهم سهلا باسم الدين.
أقول ان الأمانة قامت بهدم السور الذي تجاوزت به إدارة المدرسة على رصيف الشارع، واستبشرنا خيرا بأن امانة بغداد بدأت بالعمل الجاد الذي يقع ضمن مسؤوليتها، لكن الغريب تلك الإدارة قامت فيما بعد بإعادة بنائه وبشكل أكثر متانة، وبما يعني انها استشعرت الأمان ولأسباب مريبة، هناك من ذكر ان الرشوة هي السبب الذي احاطهم بالأمان ليعيدوا بناء السور مرة أخرى، مثله مثل عدد من المحال التجارية.
هل تعلم امينة بغداد بحقيقة ما يجري؟ وان لم تكن تعلم فكيف السبيل الى مكتبها لإخبارها ان ما تصدره من تعليمات تنفيذية للقانون، يضرب بعرض حائط الفساد، بغداد باتت مشوهة، والأسباب كثيرة، لكنها تجتمع تحت قبة الفساد، الفساد الأخلاقي الذي لا يتوانى معه أحد من سرقة رصيف، او رمي النفايات وسط الجزرات الوسطية، او في الشارع، والفساد الإداري الذي تتغاضى معه السلطات التنفيذية عن كل المتجاوزين والمخالفين.
العراق يحتاج الى إعادة تأهيل، اجتماعيا، كي يصحو من غفلته عما يجري من حوله من تخريب متعمد في اغلب الأحيان، الفرد العراقي محتاج الى صحوة، صحوة ضمير قبل صحوة الغفلة التي جرته الى منحدرات مؤسفة، سيضعف امامها أكثر ان لم يصحح ويعيد حساباته، حرصا على حاضره ومستقبل أولاده.
أحلام يوسف

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة