اعتماد الفرز اليدوي … هل سيقلب الخارطة السياسية ؟

لهب عطا عبد الوهاب
اقتصادي عراقي
جاء تصويت البرلمان العراقي يوم الأربعاء الموافق 6 حزيران / يونيو الجاري باعتماد الفرز اليدوي لاحتساب أصوات الناخبين بدلاً من التعداد الإلكتروني الذي شابه الكثير من الثغرات لتعيد خلط الأوراق التي قامت عليها الإنتخابات التشريعية يوم 12 أيار / مايس الماضي من جديد . وستستغرق عمليات الفرز اليدوي لنحو 11 مليون ناخب وقتاً طويلاً قد تدخل البلاد في فراغ دستوري إذ ستتحول الحكومة بدءاً من مطلع شهر تموز المقبل إلى حكومة تصريف أعمال . ويأتي ذلك بعد ان جمد البرلمان أعمال المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستعاضة بدلاً عنها بتسعة قضاة مخولين بالإشراف على الفرز اليدوي بعد أن تسلمت لجنة قضائية زمام الأمور مكونة من رئيس الإدعاء العام ورئيس هيئة الإشراف القضائي ومشرفين من القضاء .
ويبقى السؤال الكبير هو هل ستتطابق نتائج الفرز اليدوي مع نتائج العد الإلكتروني السابق وهل سيفرز إعادة الفرز اليدوي إلى غربلة الأوراق من جديد.
نتائج الفرز الإلكتروني السابق:
أفرزت الإنتخابات الأخيرة وفقاً للتعداد الإلكتروني الكثير من المستجدات لعل من أبرزها السقوط المدوي لرؤوس كبيرة سيروق لها كثيراً إعادة إعتماد الفرز اليدوي علها تقلب النتائج من جديد , ومنها الهزيمة التي لحقت برئيس مجلس النواب الحالي د. سليم الجبوري , كما فشل رئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني من بلوغ العتبة الإنتخابية المطلوبة . وتضم قائمة الخاسرين الطويلة أسماء معروفة منها : مشعان الجبوري , موفق الربيعي ( مستشار الأمن القومي السابق ) , الشيخ همام حمودي ( النائب الأول لرئيس مجلس النواب ) , عباس البياتي النائب التركماني المخضرم , حسن العلوي الإعلامي المعروف ( رئيس التحرير السابق لمجلة ألف باء ) . ووزير التخطيط الحالي سلمان الجميلي . وضمت قائمة الخاسرين كذلك السيدة حنان الفتلاوي صاحبة الحظوة الكبيرة في الانتخابات السابقة عند 170 ألف صوت مقابل بضعة آلاف من الأصوات فقط في الانتخابات الحالية. ولم يكن نصيب الآنسة ميسون الدملوجي مقررة لجنة الثقافة في المجلس أوفر حظاً من زميلتها.
بيد ان المفارقة الأبرز في الإنتخابات التشريعية العراقية تجلت بفوز رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ( 2006 – 2014 ) بالعدد الأكبر من أصوات الناخبين بعد ان حصل على 102ألف صوت , يليه في المرتبة الثانية هادي العامري مسؤول تنظيم بدر(الحشد الشعبي حالياً) ورئيس تحالف الفاتح المقرب من إيران عند 58 ألف صوت . وحصل رئيس الوزراء الحالي د. العبادي على 43 ألف صوت أما رئيس الوزراء السابق د. إياد علاوي ( 2004 – 2005 ) رئيس تحالف القائمة الوطنية العراقية فلم تتجاوز عدد أصواته 19 ألف صوت وهو عدد قليل جداً مقارنة بالأصوات التي حصدها في إنتخابات عام 2010 والتي تجاوزت 400 ألف صوت .
وفي المحصلة النهائية تم التجديد لــ 95 نائبا فقط من مجموع 329 نائبا هم عدد أعضاء مجلس النواب العراقي مع دخول 234 نائبا جديد قبة البرلمان .
وتمثل هذه الأرقام مؤشراً على أن الناخب العراقي قد سأم الوجوه القديمة الغارقة في الفساد أولاً , وأن باستطاعته ثانياً التغيير من خلال صناديق الإقتراع برغم ماشابها من خروقات في عدد من المحطات الإنتخابية لاسيما في كركوك وصلاح الدين والأنبار ( المنطقة الغربية )
ويتطلع المراقبون إلى الإنتهاء من المصادقة النهائية للنتائج من قبل المحكمة الإتحادية العليا لتبدأ بعدها العملية الدستورية الماراثونية بالدوران , إذ على مجلس النواب الجديد إختيار رئيس الجمهورية خلال 15 يوما من إنعقاده , على أن يكلف رئيس الجمهورية حسب الدستور ( المادة 76 ) الكتلة البرلمانية الأكبر عدداً تشكيل الحكومة خلال مدة أقصاها 30 يوما وتفيد آخر التسريبات إلى ولادة تحالف داخل البرلمان يحظى بدعم رجل الدين الشيعي السيد مقتدى الصدر ( تحالف سائرون ) , وتحالف النصر ( العبادي ) , والحكمة ( عمار الحكيم ) , والقرار ( أسامة النجيفي ) والحزبين الكرديين الرئيسيين إضافة إلى احزاب أخرى صغيرة يمكنها جمع أكثر من 166 مقعداً ( 50 % + 1 ) المطلوبة لتشكيل الحكومة .
خلاصة القول : فإن ولادة الحكومة الجديدة سيطيل أمد تشكيلها بعد الإجراءات الجديدة التي أقرها البرلمان بإعتماد الفرز اليدوي ما سيفاقم من الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد وستدخلها في لجج دوامة السجالات السياسية والدستورية . ووفقاً لهذه المعطيات فإن الحكومة العتيدة لن ترى النور قبل منتصف شهر آب أو مطلع شهر أيلول القادم في أحسن الأحوال .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة