تتفاعل القضايا المتعلقة بالتغيير الذي سيجرى في المنصب التنفيذي الاول في العراق، ونعني به رئاسة الوزراء، وتتفاعل ايضا ردود الافعال التي كانت ايجابية بمجملها، وهو ما اعطى نفحة من التفاؤل للعراقيين بعد معاناة مريرة تواصلت طيلة السنوات العشر المنصرمة منذ التغيير في نيسان 2003؛ ومكمن الامل و التفاؤل ان التغيير يأتي بعد عسف حاق بالعراقيين كان للمفخخات والعبوات الناسفة وافواج الضحايا وجلهم من المدنيين السمة المميزة فيه.
كما القى الفساد الذي تجذر طيلة السنوات العشر، بظلاله القاتمة على مفاصل الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فلم تتحسن اوضاع الفقراء، برغم عظم امكانيات البلد المادية، كما ازدادت اعداد الساكنين بالايجار والمتجاوزين على الاراضي، بفعل الافتقار الى سياسة اسكانية سديدة؛ وظلت الكهرباء بلا اكتمال في ظاهرة غريبة؛ اذ ان توليد الكهرباء في الزمن المعاصر قد تطور الى مديات كبيرة بتأثير القفزات العلمية الهائلة .. فلماذا تظل الكهرباء في اسوأ حالاتها في العراق برغم مرور تلك الاعوام الطوال وبرغم علاقاتنا المتميزة مع دول تمتاز بواقعها العلمي والاقتصادي المتطور؟
كما ساءت في السنوات الماضية علاقات العراق بدول اقليمية مهمة لاسيما دول مجاورة؛ برغم ان هذه المسألة كانت تتفاعل منذ 2003 في برهان واضح على افتقار السياسيين العراقيين الى الحس الدبلوماسي المطلوب.
وبرغم ان الاخفاق تتحمله جميع الكتل السياسية التي اشتركت في الحكومة المنتهية ولايتها والتي تقاعس وزراؤها عن تنفيذ الاعمال المطلوبة منهم، انسجاما مع حاجات الشعب والبلد، فان اللوم كان يقع بالدرجة الاولى على رأس الوزارة، اذ حمله كثيرون مسؤولية الاخفاق من جراء عدم متابعته لامور الوزارات وعدم محاسبته وزراءه المقصرين.
ولعل الكارثة التي وقعت مؤخراً وتمثلت في تمكن تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام “داعش” من بسط سيطرته على مساحات واسعة من المحافظات والمدن العراقية مثلت القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال الامر الذي ادى الى ارتفاع المطالب باستقالة الرجل التنفيذي الاول في الحكومة واستبدال آخر به، حتى اذا كان الشخص الذي يحل محله لم يحصل على اصوات رئيس الوزراء المنتهية ولايته؛ والسبب في ذلك كما يقول المعارضون له يتمثل في محاولة انقاذ البلاد من محنتها وتخليص الشعب من المآسي التي يعيش في ظلها.
لقد لاحظ الجميع كيف اصطفت جميع القوى الداخلية والخارجية والدول الاخرى باتجاه احداث التغيير المنشود، كما انها سارعت على الفور الى تأييد رئيس الوزراء الذي اعلن انه سيحل محل رئيس الوزراء المستبدل، وتعهدوا بمساندته الامر الذي اعطى املا للعراقيين بالخلاص من المعاناة التي حولت حياتهم الى مآس متواصلة؛ فهل يكتمل الامر بتحقق ذلك فعلا، وخلاص العراقيين من ازماتهم المتفاقمة المتكاثرة، والتوصل الى حلول لمشكلاتهم المعيشية والامنية.
صادق الازرقي