الثوب الابيض

تحضيرات زفافها المنشود من حبيبها بعد طول انتظار اذ كان يقابل برفض من ذويها لظروفه الاقتصادية وفقره، اذ لم يكن الفارس الذي طالما حلموا به لابنتهم وكانوا موقنين انه غير مناسب لها، بالرغم من انهم لم يكونوا أحسن حالا منه الا انهم لم يرغبوا أن تقاسي ابنتهم الوحيدة ما قاسوه.
لم تكن فرحتها تقاس بأي مقياس واقعي بل كانت تطفو فوق سحابة من الاحلام والامنيات، سيما وان الثوب الابيض اصبح قاب قوسين او ادنى من ان ترتديه كأي فتاة حملتها احلامها الى محال تأجير فساتين الاعراس تاهت بين رونقها وسحرها وبياضها الناصع، لم تقو على رفع ناظرها عنها او تحرك قدميها بين هذا الكوم الهائل من الفساتين، استذكرت السنوات السابقة التي كانت تمضيها بانتظار حبيبها وكم المرات التي كانت تهرع فيها الى واجهات محال تأجير فساتين الاعراس لكي تختار فستانها الذي سوف ترتديه في اليوم الذي طالما تمنته .
ووسط هذه الاحلام وذكريات اقضها صوت امها وصاحب المحل وهما يتناقشان على مبلغ تأجير الفستان الذي فاق تصوراتها اذ لم تكن تعلم ان اسعار تأجير تلك الفساتين ترتفع سنة بعد سنه اخرى وتتضاعف، وقفت مصدومة وهي ممسكة بمحفظة نقودها التي وضعت فيها كل دينار حصلت عليه لكي تزيل عن كاهل حبيبها ثقل استئجار ثوب الزفاف.
جلست في زاوية فتحت محفظتها تناثرت آلافها على ارضية المحل اخذت تجمعها بيد وتمسح دموعها بيدها الاخرى، فلا حبيبها يمكنه دفع ثمن استئجار فستانها ولا اهلها يمكنهم مساعدتها في هذه المسألة.
تنقلت بين تلك المحال واحداً تلو الاخرى علها تجد فستاناً يتناسب مع ما تملك ، سحبتها امها التي كانت تراقب نظراتها وهي محطمة القلب كونها غير قادرة على مساعدة ابنتها الوحيدة في ليلـة عمرهـا ، مشيا وهما تجران اذيال الخيبة والحزن الذي ارتسم على ملامـح وجههمـا.
زينب الحسني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة