قضينا السنوات الماضية ونحن نصنع اعداءاً وهميين، فصار السني العدو الاول للشيعي وبالعكس.. والعربي العدو الاول للكردي وبالعكس، وكذلك الحال مع كافة المكونات والقوى الاخرى.. صار المواطن اما صفوي، او ارهابي.. او طامع انفصالي. صناعة بائرة مدمرة لا تبني وحدة وطنية.. او دولة قوية.. او حكومة ناجحة.. بل تمهد للسيطرة والاستفراد والارهاب والعنـف والطائفيـة والعنصريـة والكراهية والحقد.
لاشك ان هناك خلافات، وخلافات جدية بين قوى ومكونات شعبنا.. لكنها خلافات في صفوف الشعب، وبين تياراته واطيافه.. وهذه الخلافات لا تحل بالخطاب والمنطق الذي تخاطبنا به خلال الاعوام الماضية، ذلك الا ان اردنا تمزيق العراق، وزرع نار الفتنة والحرب الاهلية التي لم ولن يستفد منها سوى اعداء العراق ومنهم “داعش” والارهاب والعنف. الخلافات في جبهة الشعب وبين المكونات، وفي كل الظروف وبدون استثناء، لا تحل سوى بالحوار وتشخيص المصالح المشتركة والاعتماد عليها لاحتواء المصالح المتباينة واحتوائها في اطاراتها الدستورية. اما تصعيد اي خلاف، كما فعلنا خلال الاعوام الماضية والتعامل كاعداء واستخدام لغة العداء والاتهام والكراهية والتلفيق والكذب والمبالغة وعدم ابقاء كل مسألة في حدودها ونصاباتها، فانه يقود للنتائج الكارثية التي وصلنا اليها.. ولاحتلال “داعش” الموصل واجزاء غير قليلة من العراق.. ولتوجهات جادة للتقسيم والانفصال، ولاستمرار التخلف والفقر والجهل والبطالة ونقص الخدمات والفساد، رغم الاموال الطائلة التي دخلت البلاد. فنسيان الاعداء الحقيقيين والانشغال باعداء وهميين، يعبىء كل طرف ضدهم جماهيره، ويجند اعلامه ومواقعه، بسيل هائل من الاخبار والاوهام، بعضه مفبرك تماماً.. وبعضه يأخذ جزءاً من الحقيقة لصياغة معلومة متكاملة يتم تداولها كحقائق، تسمم العقول والقناعات والسياسات.
لماذا اصبح تعاون القوات المسلحة والبيشمركة والطيران والمتطوعين وابناء العراق والعشائر والثائرين على “دعش” اليوم امراً ممكناً ومطلوباً لانقاذ العراق.. ولماذا لم يكن تعاون “التحالف الوطني” والتحالف الكردستاني” وقوى “العراقية” امراً ممكناً ومطلوباً لانقاذ العراق قبل فترة قصيرة من الان. هل يجب ان يصل السكين لاعناق جميع ابناء الشعب.. وتهدد جميع مناطق البلاد، لنتعلم كيف نميز بين الاصدقاء والاعداء.. وكيف نتعامل مع الخلافات داخل جبهة الشعب والمكونات، وكيف نتعامل مع الاعداء الحقيقين. المشكلة ليست فقط فيما فات وانقضى.. المشكلة ايضاً هل تعلمنا الدرس، ام سنعود لنفس العقليات والممارسات حالما تتحسن الظروف؟
عادل عبد المهدي