إكمال المهمة المطلوب تنفيذها في غرب البلقان

جاي فيرهوفستادت
رئيس وزراء بلجيكي سابق، ورئيس تحالف الليبراليين والديمقراطيين من اجل أوروبا في البرلمان الأوروبي.
عقد ممثلو صربيا وكوسوفو في 16 يناير / كانون الثاني في بروكسل اجتماعا لإجراء محادثات حول تطبيع العلاقات بينهما. لكن في نفس اليوم، تم قتل زعيم الأقلية الصربي أوليفر إيفانوفيتش في كوسوفو اٍثر تعرضه لإطلاق نار أمام مكتب حزبه في مدينة ميتروفيتشا شمال البلاد، مما أدى إلى إلغاء المحادثات.
ومنذ نهاية حرب كوسوفو في عام 1999، أحرزت منطقة البلقان الغربية تقدما كبيرا في مواجهة القوى القومية والرجعية التي أدت إلى نشوب هذا الصراع العرقي الوحشي. لكن اغتيال ايفانوفيتش، الذي تم على الأرجح على أيدي العصابات الإجرامية التي سمح لها بالازدهار في شمال كوسوفو، يهدد الآن بإشعال الأزمة بين صربيا وكوسوفو التي لا تزال قائمة. فقد خرجت الأشباح القومية في المنطقة من سباتها.
وتواجه بلدان البلقان الغربية العديد من التحديات الأخرى. ويرجع انتشار الفساد إلى شبكات الجريمة المنظمة التي نشأت عن الجهاز الأمني الشيوعي. إن تأثير الولايات المتحدة في المنطقة آخذ في الانخفاض، بالرغم من موقف روسيا الانتقامي. وبالنسبة لمعظم بلدان المنطقة، فإن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ليس مؤكدا بعد.
كل هذا يحتاج إلى التغيير. كانت مقدونيا (التي تعرف مؤقتا باسم جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة) مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام 2005، بيد أن مفاوضات الانضمام لم تدخل حيز النفاذ. وقد وعدت اليونان باستخدام الفيتو ضد عضوية مقدونيا بسبب نزاع حول اسم البلاد. وقد انقسم البلد منذ فترة طويلة حول القضايا المحلية المتعلقة بالفساد، وإساءة استعمال السلطة، والأقليات العرقية.
ومع ذلك، هناك أمل في إنهاء هذا الصراع. وفى الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا لهذا العام، عقد رئيس الوزراء المقدوني زوران زيف اجتماعا مع رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس، كما وافق على إعادة تسمية أكبر مطار في البلاد. اسمه الحالي، الذي يحيي ذكرى الإسكندر الأكبر، قد أزعج الإغريق منذ فترة طويلة.
ومن جانبها، صادقت دول الناتو على انضمام مونيتنيغرو إلى الحلف في حزيران / يونيو 2017. لكنه اضطر أيضا إلى مواجهة النفوذ الروسي المتزايد، والذي يشمل مؤامرة مزعومة للإطاحة بالحكومة القائمة. وبدأت دولة مونيتنيغرو، جنبا إلى جنب مع صربيا، عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن الطريق أمامه لا يزال طويلا. ومن بين 35 فصل من قانون الاتحاد الأوروبي الذي يجب التفاوض بشأنه، فتح مونيتنيغرو 30 فصلا وأغلق ثلاثة مؤقتا. وفي الوقت نفسه، فتحت صربيا اثنتي عشرة وأغلقت اثنين مؤقتا.
ولا تزال العديد من البلدان الأخرى تواجه صعوبات، إما عن طريق الفيتو من داخل الاتحاد الأوروبي، أو من خلال العقبات المحلية. ولا تزال البوسنة والهرسك، على سبيل المثال، تصارع معوقات اتفاقات دايتون للسلام. وما زال ميلوراد دوديك، زعيم جمهورية صربسكا المدعوم من الكرملين، يقترح فكرة إجراء استفتاء حول الاستقلال.
ومن الواضح أن لدى روسيا مصلحة في منع دول البلقان الغربية من الانضمام إلى عضوية الناتو والاتحاد الأوروبي، والذي يعد دافعا اكبر لقيام الاتحاد الأوروبي بزيادة مشاركته في المنطقة. وتحقيقا لهذه الغاية، دعا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في خطابه «حالة الاتحاد» في سبتمبر / أيلول الماضي إلى «منظور توسيع موثوق» للمنطقة. وفي شباط / فبراير، تعتزم المفوضية الأوروبية اعتماد «إستراتيجية توسيع» جديدة، كما ستحدد موعدا مستهدفا لعام 2025 لانضمام صربيا والجبل الأسود.
ولكن لكي تنجح هذه الإستراتيجية، يجب أن تكون مصحوبة بإصلاحات يقودها الأوروبيون في غرب البلقان، بحيث تتماشى تلك البلدان بشكل أوثق مع متطلبات عضوية الاتحاد الأوروبي. وعلاوة على ذلك، على الاتحاد الأوروبي توضيح أن الانضمام سوف يتم عن جدارة، وأن التواريخ المستهدفة طموحة وليست ملزمة. وكما أظهر انضمام رومانيا وبلغاريا، عندما تُعطى التواريخ المستهدفة التعسفية أهمية كبيرة، فإنها تؤدي إلى نتائج عكسية، لأنها تضعف حوافز الإصلاح المجدي.
كما ستحتاج استراتيجية توسيع الاتحاد الأوروبي إلى دعم من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي ينبغي تذكيرها بأن عدم إبقاء منطقة البلقان الغربية داخل الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى عودة إراقة الدماء في التسعينيات، أو أسوأ من ذلك. كما ستحتاج إلى دعم من الشركاء والحلفاء الأوروبيين – وخاصة الولايات المتحدة – التي ينبغي تذكيرها بالأهمية الجيوسياسية لتتمكن من تجنب مثل هذه النتيجة.
أما بالنسبة للمنطقة، فيجب تحفيز النخب السياسية لمتابعة الإصلاحات الضرورية، بدلا من إعطاء الأولوية لمصالحها الاقتصادية الخاصة. وينبغي أن تمنح الأولوية القصوى للإصلاحات القضائية، التي ستساعد هذه المجتمعات على استيعاب سيادة القانون والمصالحة الإقليمية، التي لن يحرز بدونها أي تقدم نحو الانضمام. وإلى جانب هذه الضرورات الأساسية، ستحتاج المنطقة أيضا إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية للنقل والاتصالات، لربطها ببقية أوروبا، بدلا من الصين وروسيا، كما كان الاتجاه في السنوات الأخيرة.
ويتمثل البديل عن المشاركة الأوروبية في غرب البلقان في زيادة النزعة القومية والعودة المحتملة للصراع العنيف. وعلى الاتحاد الأوروبي بذل كل ما في وسعه لتفادي هذا السيناريو.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة