اللجوء إلى الضرائب لتمويل الخدمات الحكومية
الصباح الجديد ـ وكالات:
توقع رئيس فريق المستشارين الماليين التطوعي رئيس هيئة أمناء معهد الإصلاح الاقتصادي كمال البصري، أن يسجل العجز في موازنة هذه السنة 13 تريليون دينار (أي نحو11 مليار دولار)، لافتاً إلى أن الحكومة تفكر في التعامل مع الموضوع من خلال نافذة القروض، وهو إجراء حكومي سهل التعامل معه، لكن له تبعات كبيرة.
وقال: «كان الأجدر التعامل مع العجز من خلال فرض سيادة القانون وجباية الرسوم والمستحقات الحكومية وفقاً للقوانين العراقية النافذة، وخفض قيمة العملة أمام الدولار، ولما في ذلك من منافع في الحد من الاستيراد وتشجيع المنتج المحلي».
وأضاف البصري، أن موازنة هذه السنة وُضعت تحت تأثير تداعيات تراجع الإدارة المالية التي استمرت طيلة الفترة السابقة، إذ كانت أسيرة المخصصات المالية غير المجدية اقتصادياً وغير شفافة».
وأكد البصري، أن موازنة هذه السنة «شكلت فرصة مناسبة لإعلان الإصلاحات التي انتظرها العراقيون، كما أن تحويل الأزمة المالية التي يعيشها العراق إلى بداية الانطلاق الحقيقي للإصلاح، يجعل من تلك الأزمة تطبيقاً فعلياً للمثل السائد ربّ ضارة نافعة». وعدّ، في حديث إلى «الحياة» الدولية، «الشروع بتلك الانطلاقة يتطلب فرض سيادة القانون ومكافحة الفساد، واختيار قيادات نزيهة ومؤهلة والمحاسبة على الأداء لتحقيق النتائج».
وأوضح أن «رؤية أعضاء فريق المستشارين الماليين التطوعي في وزارة المال التي ينقلها بالنيابة عنهم، تفيد بأن الحكومات السابقة أكملت ستراتيجيات إصلاحية، وكان لنا أمل بالتعامل بجدية وإرادة قوية في تنفيذها، ومن هذه الستراتيجيات، القطاع الخاص والتعليم والطاقة والصناعة». ولم يغفل «الإصلاحات الأخرى التي تتناول سياسات الدعم الحكومي ومراجعتها بعناية، لتقليص الهدر مثل دعم أسعار المشتقات النفطية».
ونبّه البصري إلى «غياب ربط إعداد الموازنة في شكل واضح مع البرنامج الحكومي، والذي يتبنى الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة». وشدد على أن «الشفافية مطلوبة عند التخطيط وإعداد الموازنة، وبغيابها يفسح المجال للإساءة في استخدام المال العام». وأكد أهمية «الحذر من استمرار استخدام الديون لتغذية النفقات التشغيلية، وعدم حصرها بالاستثمارات خلافاً للأعراف الاقتصادية، ومن استمرار غياب الرؤية بأن النفط ثروة آيلة الى النضوب، فضلاً عن أن تلك الثروة هي ليست فقط للجيل الحالي بل للأجيال المقبلة أيضاً».
ورأى أن «استخدامها يجب حصره لتطوير الرأسمال الاقتصادي المتمثل بإدخال المصانع، والتقنيات الضرورية وبناء القدرات البشرية».
ودعا إلى «وضع ستراتيجية لتحديد نسبة تصاعدية لزيادة نسبة استخدام العائدات النفطية، لأغراض المخصصـات الاستثماريـة».
وضمن رؤية فريق المستشارين التي ينقلها عنهم رئيس الفريق البصري، أكد ضرورة «إقرار المشاريع الرأسمالية الاستثمارية بموجب دراسات جدوى رصينة، تُناقش مع الجهات الحكومية من جانب أطراف استشاريين على أساس القيمة في مقابل التخصيص المالي، كما يجب إبرام العقود الحكومية من جهة متمرسة للخروج من الممارسات السيئة التي أدت الى تلكؤ المشاريع وفشلها».
ونقل البصري تأكيد أعضاء الفريق الاستشاري وتحذيرهم، من «استمرار اعتماد الموازنة وفي شكل حاد على الموارد النفطية التي تعاني من إشكاليتين، هما تقلّب حجم الصادرات والأسعار، ما يتطلب بناء قسم خاص في وزارة المال لدراسة تغيرات سعر النفط في الأسواق العالمية والتنبؤ بها وبناء القدرات في وزارة النفط، لتفادي تغير كميات النفط المصدرة».
وأوضح أن اعتماد سعر النفط «بأقل من المتوقع للسوق الدولية، حالة صحية لإنشاء صندوق احتياط خاص بالفوائض المتأتية عن زيادة سعر النفط، لدرء أخطار تقلبات الأسعار، ويمكن تطوير ذلك الى صندوق استثمار للأجيـال المقبلـة، وكذلك إعداد آلية بديلة فـي الاستفـادة مـن العائدات الماليـة النفطية، تجسد أن للمواطنيـن حقاً متساوياً من الثروة النفطية، وأن تفرض على الجميع ضريبة موحدة لتمويل الخدمات الحكومية».
ولاحظ فريق المستشارين والتحليل المعمق وفق البصري، أن «الإيرادات غير النفطية الفعلية لم تتجاوز في أحسن الاحوال 9 في المئة من الإجمالي، وهذه النسبة مع تواضعها فهي تعتمد أيضاً على إيـرادات النفـط بنسبـة كبيرة، إذ إن معظـم الضرائب ناتجة من الدخل تحققت لأصحابها، نتيجة عقود وأعمال مع دوائر حكومية والتي تعتمد بدورهـا علـى النفـط».
وذكر البصري تشديد الفريق على «أهمية رفع كفاءة إدارة عقارات الدولة بما يكفل تحقيق الإيرادات العادلة»، مشيراً إلى «وجود نسبة عالية منها تتجاوز 40 في المئة هي خارج سيطرة الإدارة، فيما لا تُحصّل عائدات القسم الآخر بما يتناسب وقيمة السوق».