الخطاب الإعلامي للقضاء

حريّة الصحافة، وحق الوصول إلى المعلومة وغيرها ما يتعلق بالعمل الإعلامي مكفول على وفق أحكام الدستور العراقي لسنة 2005، حتى اصبح الاعلام لدينا بمنزلة السلطة صنّفت عرفاً بانها الرابعة، بعد التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذه السلطات الثلاث مقرّة تراتبياً في المادة (47) من الدستور.
وفي هذا الصدد نشير إلى احد التوجهات المهمة للقضاء العراقي وهي أن لمقدم الحلقة التلفزيونية أن يطرح ما يشاء من اسئلة، وله أن ينقل هموم الشارع ولا يُسأل عمّا يرد على لسان ضيوفه في الحلقة حتى وان كانت كلمات تخضع للمسؤولية الجزائية أو المدنية، فتلك المسؤولية تقع على عاتق من اطلقها فقط.
وفي مواجهة ذلك، ينبغي التركيز على اهمية الخطاب الاعلامي للقضاء وكيفية تسويقه، والتعاطي معه، ونقل مفرداته حرفياً، بنحو لا يتقاطع مع طبيعة العمل في القضاء.
فهذا النوع من الخطاب يختلف عن الاعلام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي الذي يحتمل نوعاً من المناورة والشد والجذب والتضخيم والتقليل حسب الحاجة، أما القضاء فهو عنوان الحقيقة ومن ثّم لا يمكن لخطابه الاعلامي أن يعطي توقعات مسبقة أو يتخيل أو أن يتنبأ بما يحصل في المستقبل.
هذا يعني أن دور القضاء على الصعيد الاعلامي يكون بالدرجة الاساس اعطاء المواقف الرسمية على ما مطروح امام المحاكم من دعاوى سواء كانت دستورية أم جزائية أو مدنية، وقد يتعدى ذلك في بعض الاحيان إلى التطرق لطبيعة عمل المحاكم وتثقيف الشارع بأهمية الحصول على حقوقهم من خلال التقاضي.
وقد ظهر اثر تثقيف المواطن بأهمية التقاضي واضحاً من خلال دعاوى دستورية اقامها اشخاص للطعن بدستورية قوانين وقرارات نافذة امام المحكمة الاتحادية العليا في العراق، وحصلوا على أحكام بإلغائها لعدم دستوريتها.
وبالعودة للمواقف الاعلامية للقضاء فأنها تكون اما بحقيقة وجود دعوى معينة من عدمه، أو الى أين وصلت الاجراءات القضائية فيها- أن كان الامر يسمح بذلك كون هناك البعض منها يتطلب سريّة للوصول إلى الحقيقة-، أو ما هي نتيجة حسم الدعاوى، فطبيعة الاعلام القضائي لا تسمح بإعطاء المواقف المسبقة أو تقديم الآراء التحليلية أو قراءة مستقبل الدعاوى؛ لأننا سنكون امام موضوع احساس بالرأي وذلك لا يتفق مع طبيعة العمل القضائي، فقد تكون هناك دعوى معروضة أمام محكمة تسير باتجاه معين، وفي لحظة ما يقدم احد اطرافها دليل يتغير معه كامل مسار الدعوى المعروضة.
كما أن العمل الاعلامي للقضاء لا يتيح الاجابة عن سؤال عن موضوعات وملفات مطروحة في الشارع لكنها لم تعرض على المحاكم المختصة ويتخذ قرار فيها، فأبواب المحاكم مفتوحة لاستقبال جميع انواع الدعاوى والشكاوى وكل حسب اختصاصها.
إياس الساموك

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة