أقرأ في الملف الذي نشرته “الصباح الجديد”، الخميس الماضي، تحت عنوان: “الزراعة .. مأساة ما فقدنا”، وأتذكر مدينتي ديالى، حين كانت أراضيها الخصبة تزخر بمختلف أنواع الفواكه والمزروعات حتى تفيض عن حاجة أهاليها، فتغمر بعطائها ما يجاورها من مدن بما في ذلك العاصمة بغداد.
الأهوار لم تتخلص بعد من محنة التجفيف..
والرقعة الزراعية تتقلص..
والانتاج الزراعي في تراجع، وكذلك الثروة الحيوانية..
والسوق يكاد يقتصر على ما هو مستورد..
باختصار شديد، نحن أمام مأساة حقيقة بل كارثة كبرى تهدد مستقبل العراقيين كأنما لم تكفهم معاناتهم من آثار حروب الديكتاتور، وما يواجهونه من اضطرابات وتحديات سياسية وأمنية وأزمات أقلها أزمة الكهرباء التي تتفاقم حدتها عاماً بعد آخر.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) المتخصصة التابعة للأمم المتحدة قد دقت جرس الإنذار منذ 2012 عندما أصدرت تقريراً مفصلاً عن الوضع الزراعي المتدهور في العراق نتيجة انخفاض مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب انخفاض نسبة المساحات المزروعة من 9 في المئة عام 2002 إلى 6.3 في المئة في 2009.
وأدى هذا الانخفاض إلى زيادة إعتماد الاقتصاد العراقي على عائدات النفط، كما ساهم في تدفق السكان من الفلاحين والمزارعين إلى المدن بحثاً عن العمل، عدا نزوح عشرات آلاف الأسر التي تتعاطى العمل الزراعي جراء العمليات الإرهابية.
إن أخطر ما يمكن أن تواجهه دولة من الدول هو العجز عن تحقيق أمنها الغذائي، والعراق اليوم في مواجهة هذا الخطر المدمر.
ومما يضاعف الخطر فشل المؤسسات المعنية في تحمل مسؤولياتها، وتدهور الخدمات الأساسية، وتدني المؤشرات الاجتماعية في مجالات حيوية مثل الصحة والتعليم، والارتفاع الكبير في معدل البطالة. وقبل هذا وذاك، انشغال السياسيين بمصالحهم ومصالح أحزابهم، وثمة منهم من يسعى إلى إبقاء القطاع الزراعي متخلفاُ من أجل الاستمرار في الاعتماد على الواردات.
ترى، إلى أين نحن ذاهبون؟
فريال حسين