اعتدت النظر إلى الأمور نظرة واقعية، وكنت أعتقد أنني أفعل ما هو صواب، وأنني منطقية في التعامل مع نفسي ومع الآخرين، ومع ذلك، فإن مشوار الحياة يُظهر لي أنني كثيراً ما أخطئ، وأقع في هفوات، ولا أحسب حساباً للصدفة. وقد كانت لدي الشجاعة دائماً للاعتراف عندما أكون مخطئة.
كما اعتقدت أن معظم الناس يفكرون بالطريقة التي أفكر بها، قبل أن أدرك أن هذه ليست الطريقة التي يتبعونها، خصوصاً حيال القضايا ذات الطابع الانساني. ليس ذلك فحسب، إذ وجدت أن بعضهم يتخذ مواقف سلبية منها، ويفعل عكس ما يمليه الضمير.
وكنت أشعر أنني قد تعلمت الكثير منذ أول وظيفة صغيرة شغلتها بعد تخرجي مباشرة من الجامعة، وأن المثابرة تدفع، على المدى الطويل، إلى تحقيق أي هدف أو التزام حتى لو كان صعباً، غير أن ظروفاً قاهرة تطرأ على حين غرة تحيل الممكن إلى مستحيل، وتزيد في صعوبة ما هو صعب، حيث لا جدوى من المواصلة والسعي لتحقيق ما يستحيل تحقيقه.
لقد رسمت لنفسي خططاً كثيرة، ووضعت مثلها من الأهداف، لكن الكتابة الصحفية لم تكن واحدة من خططي وأهدافي، رغم أنني كتبت للتلفزيون، وعلى مدار سنوات، نصوصاً ثقافية أعتد بها، كما اطلعت على تجارب كتاب عراقيين وعرب وحتى عالميين، ومن خلالهم تعلمت أشياء مفيدة جداً.
كنت أكتب لنفسي حين أجد الأمر ضرورياً، وقد كتبت مئات الصفحات أيام الدكتاتورية البغيضة بين ما هو نقد أو وقائع يومية ومتابعات، وحين قررت مغادرة الوطن قبل ثلاثين عاما تقريباً، اضطررت إلى تمزيق ما كتبت حتى لا تقع بين أيدي المخبرين.
وطوال الفترة الماضية كنت منصرفة للقراءة، لم أفكر يوماً بالنشر حتى فاجأني الصديق العزيز إسماعيل زاير باقتراحه الكتابة لـ “الصباح الجديد”، وكنت وقتها أقرأ في رواية “قصر الحلوى” لأليف شافاك. ترددت في البداية ثم وجدت نفسي مدفوعة بالغواية نفسها التي دفعت من سبقوني إلى خوض التجربة. وأنا سعيدة للغاية لأنني اخترت أن أفعل ذلك.
لا أدعي أنني كاتبة متمكنة تماماً من أدواتي، وليست لدي أوهام عن نفسي، ولا أريد أن أجبرها على أن تقول ما لا تود قوله. ومع كثرة الأفكار التي تدور في رأسي، وإضافة إلى ما تلهمني به وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات أجدني، في بعض الأحيان، عاجزة عن الوصول إلى الفكرة التي تصلح موضوعاً للنشر في صحيفة متميزة مثل “الصباح الجديد”.
فريال حسين
عام جديد في الصباح الجديد
التعليقات مغلقة