متظاهرون يحرقون مبانٍ حكومية وحزبية ويطالبون بتقديم المسؤولين للقضاء

إطلاق نار واشتباكات بين الأمن ومحتجين كرد
السليمانية – عباس كاريزي:

أخذت التظاهرات الشعبية التي شهدتها العديد من محافظات ومدن الإقليم لليوم الثاني على التوالي، طابعاً أكثر حدة، بعد أن قام المتظاهرون باقتحام العديد من المقار الحكومية والحزبية في مدينة كوية وكفري وحلبجة، وقاموا بإحراق بعضها بعد ان قاموا بإنزال أعلام الأحزاب عنها.
فمنذ الساعات الأولى لصباح امس شهدت مدن السليمانية وحلبجة وكوية وكفري ورانية وجمجمال تظاهرات وتجمعات شعبية، ردد المتظاهرون خلالها شعارات (ارحلوا وكفى فساداً فلتسقط حكومة الإقليم)، بينما احرق شباب تظاهروا في قضاء كوية مبنى قائممقامية القضاء ومقر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.
وقال احد المتظاهرين امام مبنى قائممقامية كوية ان حكومة الاقليم تمتاز باربع صفات وهي الفساد والخيانة والتواطؤ والعمالة وطالب المتظاهرون المسؤولين الحكوميين في القضاء لتقديم استقالتهم والانضمام الى صفوف الشعب، قائلين لم يبق شيء اسمه حكومة الاقليم عليهم جميعاً ان يرحلوا.
وأظهرت الصور التي نشرتها وسائل اعلام مختلفة العشرات من الشباب فوق مبنى قائممقامية كوية مرددين شعارات تندد بالاحزاب والحكومة، ليقوموا بعد ذلك باحراق المبنى وعدد من المركبات التي كانت مركونة في مرآبه.
رانية شهدت هي أيضا تجمعا لمئات المتظاهرين من المعلمين والمتقاعدين والشباب، وقال المعلم المتقاعد اسماعيل محمد انا احد المعلمين المتقاعدين وكان لدي 45 عاماً من الخدمة في سلك التربية والتعليم، ولدي سؤال واحد أوجهه الى حكومة الاقليم «الا تشعرون بالخجل والحرج وانتم ترون كل هذه الاصوات تتعالى مطالبة برحيلكم، اذا متى تقررون الرحيل والتخلي عن السلطة».
وذكرت مصادر مطلعة للصباح الجديد ان نشطاء في تيار الجيل الجديد تقدموا جموع المتظاهرين في العديد من مدن الاقليم، بعد ان انسحب منها نشطاء حركة التغيير وقيادات في قائمة نحو الديمقراطية والعدالة التي يترأسها برهم صالح.
وكان رئيس تيار الجيل الجديد شاسوار عبد الواحد الذي يغيب عن الاقليم في زيارة الى بعض الدول الأوروبية، قد وجه كلمة عبر قناة ان ار تي طالب فيها الشباب بالاستمرار في التظاهر وعدم التخلي عن مطالبهم، مشيرا الى ان المطالب يجب ان تتلخص في رحيل السلطة الحالية التي وصفها بالفاسدة وتخلي الحزبين الرئيسين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني عن السلطة والهيمنة على مؤسسات الحكم.
هذا وتوقفت الحركة واغلقت المحال في سوق السراي وسط مدينة السليمانية جراء تجمع المتظاهرين والتصدي لهم ومحاولة تفريقهم من قبل قوات الشرطة وعناصر مكافحة الشغب.
وانقطعت الطاقة الكهربائية ومياه الإسالة عن بعض الأحياء في محافظة السليمانية، نتيجة لتوقف الدوام الرسمي في محطة جمجمال الغازية التي تزود المدينة بالطاقة الكهربائية.
محافظ السليمانية هفال ابو بكر الذي تسلم مهام عمله مؤخرا وهو احد القيادات البارزة في حركة التغيير، دعا من جانبه في كلمة وجهها الى المواطنين في المدينة، الى الابتعاد عن العنف والشغب والتزام الهدوء والسلمية في التعبير عن آرائهم، مؤكدا انه يدعم مطالب المتظاهرين، إلا انه لن يسمح بتخريب مؤسسات المدينة.
وفي مدينة كفري اطلق حراس مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني النار فوق رؤوس المتظاهرين، الذين هاجموا مقار لجميع الأحزاب والقوى السياسية وانزلوا الإعلام عنها، ليقوموا لاحقا بإحراق مقر الجبهة التركمانية ومقر الحزب الديمقراطي.
مصادر في المستشفى العام بمدينة السليمانية ذكرت للصباح الجديد، أن عشرة مواطنين أحيلوا الى العلاج جراء إصابات وجروح أصيبوا بها اثر الاشتباكات والمواجهات التي شهدتها السليمانية، بين المتظاهرين وأفراد الأجهزة الأمنية صباح امس الثلاثاء.
وعلى صعيد ذي صلة قامت مجموعة من الشباب الكرد المقيمين في المانيا باعتراض موكب رئيس حكومة الاقليم نيجرفان بارزاني ونائبه قباد طالباني، في اثناء توجهه الى مبنى الحكومة الالمانية في برلين، اول امس الاثنين، رافعين شعارات تندد بالفساد وسرقة ثروات شعب كردستان، مطالبين برحيل هذه الحكومة وإنهاء هيمنة الأحزاب على مؤسسات الاقليم.
وفي مسعى منه لتحويل اهتمام الشارع الكردي والرأي العام وإبعاد انظار المواطنين عن التظاهرات الشعبية، اعلن مسرور بارزاني النجل الأكبر لرئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، رئيس مجلس امن اقليم كردستان ان قوات الجيش العراقي مهيأة لمهاجمة بعض المناطق واستردادها من قوات البيشمركة.
وقال مجلس امن الاقليم في بيان ان الحكومة العراقية استجمعت قواتها بالقرب من مخمور للهجوم على مناطق الكوير وديبكة والطريق الرئيس الواصل بين الموصل وكركوك وفقا لمعلومات استخبارية.
وطالب مجلس امن الاقليم الحكومة العراقية بايقاف تقدم قواتها المدعومة بالحشد الشعبي، مطالباً المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة العراقية لمنع تقدم قواتها وتحركاتها العسكرية.
وكانت حكومة اقليم كردستان التي يغيب رئيسها ونائبه عن الاقليم برغم ارتفاع حدة التظاهرات وسقوط ضحايا بين المدنيين، قد عدّت في بيان لها ان التظاهر حق مشروع للمواطنين، الا انها قالت في البيان انها تنظر بقلق إلى بعض الممارسات التي شابتها بعيدا عن القيم المدنية والى العنف الذي استعمل في عدد من مدن وبلدات كردستان، وبالأخص التي حدثت ضمن حدود محافظة السليمانية والتي استهدفت عددا من الدوائر الحكومية والمقرات الحزبية وأدت الى اصابة عدد من الاشخاص والحاق الاضرار باملاك واموال المواطنين.
واكدت حكومة الاقليم في بيانها انها لا تقبل قطعاً بان تخرج التظاهرات عن اطار المطالبة بالحقوق ضمن القانون، مشيرة الى ان استغلال هذه الحقوق والمطالب لممارسة العنف والحاق الاضرار بأملاك واموال المواطنين وإثارة المشكلات وتخريب الأمن والاستقرار، مخطط يستهدف الكيان السياسي والدستوري للإقليم لا يعود بالفائدة على احد، سوى أعداء كردستان.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة