النواب الكرد تحت رحمة أحزابهم ويتابعون الأحداث عن بُعد

معاذ فرحان

تمر العلاقات بين كردستان وبغداد منذ ثلاثة أعوام بأسوأ مستوياتها في حين يقتصر دور النواب في أربيل وبغداد على متابعة الاحداث من بعيد إذ ليس بإمكانهم القيام بشيء.
ومن المفترض أن يكون البرلمان أعلى سلطة تشريعية ورقابية في كردستان والعراق أيضاً، لكن يبدو ان النواب الكرد لا حول لهم ولا قوة وهم ينتظرون ما تقوله أحزابهم ليتخذوا مواقفهم، إذ انقسم النواب الكرد بسبب خلافات أحزابهم وظهروا متشرذمين مع استمرار عدم التوافق السياسي ونادرا ما اتفقوا في موقف ما وكان لهم صوت موحد.
فعندما قطعت بغداد موازنة الإقليم عام 2014 كان المواطنون ينتظرون من ممثليهم في بغداد حسم الموضوع في مصلحة مواطني كردستان ولكن انعدام صلاحية اتخاذ القرارات لدى النواب أدى الى ترك القضية للسياسيين وبقيت دون حل.
وفي مشكلات النفط والغاز والبيشمركة قامت وفود من الإقليم بالعديد من الزيارات الى بغداد، وفي ذلك أيضاً كان النواب يعلمون بزيارة الوفود عبر القنوات التلفزيونية فقط، اما في موضوع الاستفتاء الذي اتخذ قرار إجرائه خارج برلمان كردستان فلم يكن للنواب علم بالوفود التي كانت تزور بغداد لإقناع المسؤولين العراقيين حول الأمر.
وخصصت الحكومة العراقية نسبة 12% للكرد من ميزانية عام 2018 في حين كانت النسبة سابقة 17%، ومع أن النواب الكرد احتجوا على ذلك، الا انه لم تتم إعادة مشروع القانون من قبل البرلمان الى مجلس الوزراء العراقي حتى دخلت الحكومة ومسؤولي الإقليم على الخط.
تمثل هذه الحالات أمثلة شاخصة على عدم قدرة النواب الكرد في بغداد على وضع حجر على حجر بل السياسيون فقط هم من بإمكانهم خلق المشكلات ومعالجتها بأنفسهم.
ويعزو زانا روستايي النائب في مجلس النواب العراقي عدم فعالية النواب الى حكومة الاقليم لعدم محاولتها الإفادة من إمكانيات النواب والتنسيق معهم، وتحدث روستايي عن المحاولات التي سعوا من خلالها الى لقاء مسعود بارزاني عندما كان رئيسا للإقليم، الا انه لم يكن على استعداد للاجتماع لمرة واحدة مع النواب خلال هذه الدورة.
وقال لـ”نقاش”: ان “ العديد من الوفود حضرت الى بغداد ولكنها لم تكن مستعدة لإشراك النواب في الاجتماعات، وكانت حكومة الإقليم تجتمع مع رؤساء الكتل الا ان هذه الاجتماعات أيضاً تم تأجيلها بحجة إغلاق برلمان كردستان وبالتالي لم يتمكن النواب الكرد من الاضطلاع بدور في معالجة المشكلات بين الاقليم والمركز وقد تم تهميشهم من قبل أربيل”.
وعندما كانت العلاقات بين الإقليم والمركز تشهد مزيدا من التدهور كان النواب الكرد يلجأون الى المقاطعة ولكنهم كانوا يعودون الى جلسات البرلمان بعد تهدئة التوترات بين مسؤولي اربيل وبغداد دون جدوى من مقاطعتهم.
بعض النواب كان لهم ظهور اقل وحديث عن الاحداث خلال المدة التي مرت كردستان فيها بالعديد من الأزمات كما وجهت لبعضهم انتقادات بسبب تسجيلهم حضوراً اقل فيما اتهم بعضهم بعدم إجادتهم اللغة العربية.
وقال نوزاد رسول النائب الكردي في مجلس النواب العراقي لـ”نقاش”: “كانت العلاقات بين أربيل وبغداد خلال السنوات الثلاث الماضية في شد وجذب مستمر وفي وضع سيئ، لذلك لم يكن للنواب ظهور في أحيان كثيرة”.
ويرى رسول ان خطوات الكرد كانت في الماضي تتجه نحو الانفصال عن العراق ما خلق انعداما للثقة لدى المسؤولين العراقيين وقد انعكست هذه الحالة سلبا على مواطني وموظفي اقليم كردستان.
وإذا كان سوء العلاقات بين الإقليم والمركز قد قلل من فاعلية النواب، فان حال النواب في برلمان كردستان لم تكن أفضل حيث أغلقت أبواب برلمان كردستان لمدة عامين وكان النواب ينتظرون خلال تلك المدة موافقة المسؤولين الحزبيين للعودة الى مزاولة أعمالهم، وبعد تفعيل برلمان كردستان في الخامس عشر من أيلول (سبتمبر) الماضي تعهد النواب بان يكون تحسين الوضع المعيشي للمواطنين والغاء نظام توفير الرواتب أول نشاطاتهم الا انهم لم يتمكنوا من القيام بشيء.
كما فشلوا فيما يتعلق بموضوع الرواتب ومساءلة الوزراء ومراقبة أعمال الحكومة، أما في ما يخص موضوع الاستفتاء الذي تسبب في خسارة الكرد للمناطق التي كانوا يحكمونها بعد عام 2003 فلم يتم استشارة النواب كما لم يكن للبرلمان دور فيه.
وفي الأوضاع التي تمخضت عن أحداث السادس عشر من تشرين الأول (اكتوبر) لم يمنح النواب إلا القليل من الأدوار، اما الآن وقد بدأت جولة جديدة من المفاوضات والحوار بين الحكومة والأطراف السياسية للخروج من الأزمة فان أصوات النواب لا تسمع.
فرحان جوهر النائب في برلمان كردستان قال لـ”نقاش”: ان “لم يستطع برلمان كردستان حتى الآن أن يؤدي دوره الطبيعي كما لم يتمكن من أن يصبح مؤسسة للبت في القرارات المصيرية وذلك بسبب التدخلات الحزبية”.
لكن عبد الرحمن علي مقرر كتلة التغيير في برلمان كردستان يدافع عن النواب، مشددا على أنهم أرادوا أن يحولوا الدورة الرابعة للبرلمان إلى محكمة لمحاكمة الذين أهدروا ثروات الشعب إلا أنهم منعوا من ذلك.
وقال لـ”نقاش”: “في بلد تسيطر الحكومة فيه على البرلمان وتسيطر الاحزاب على كليهما لا ينتظر أبدا أن يسود القانون ويحدث تداول للسلطة، ولم نتمكن من أن نكون في مستوى مطالب الشعب بسبب إغلاق البرلمان”.
وربما يعود جزء من اسباب عجز النواب الى قلة خبرتهم في العمل البرلماني ما دفع الكاتب والمراقب السياسي جرجيس كوليزادة الى وصفهم بـ”مراهقين سياسيين”.
كوليزادة قال لـ”نقاش”: ان “ دور هؤلاء النواب تحول الى التمثيل، إنهم يريدون إظهار أنفسهم على الشاشات وكثيرا ما يلعبون دور مذيعي تلفزيون، لا ادوار سياسية”. كما اتهم الأحزاب بأنها “لا تضع معايير لاختيار الأشخاص وان أكثر ما يعلب دوره هو المحسوبية والمنسوبية”.
وأضاف: “لقد أصبح نهجا لدى الأحزاب في ان الشخص الذي لا يجد مكانا له في الحكومة سيجدون له مكانا في البرلمان ما يؤدي إلى عدم التزام هؤلاء النواب بأية معايير”.

*عن موقع “نقاش”

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة