كاظم مرشد السلوم
أعلن «مهرجان دبي السينمائي الدولي» عن المجموعة الأولى من الأفلام المشاركة في مسابقة «المهر الطويل» في الدورة الرابعة عشرة للمهرجان، والتي ستُقام في الفترة ما بين 6 إلى 13 ديسمبر/كانون الثاني 2017، محتفياً بالمواهب المتميّزة التي تسلط الضوء بأعمالها على الثقافات والمجتمعات العربية المختلفة.
ومنذ العام 2006، جذب «مهرجان دبي السينمائي الدولي» أفضل الأفلام القصيرة والطويلة من الأفلام الروائيّة وغير الروائية المحليّة والإقليميّة للتنافس على جوائز المهر. وتهدف هذه المسابقة إلى تسليط الضوء على المواهب السينمائيّة من أنحاء العالم العربي وعرض أعمالهم على جمهور المهرجان العالمي، وعلى لجان تحكيمه التي تضمّ في صفوفها عدداً كبيراً من المتخصّصين والمحترفين في شتى المجالات الإبداعية، كما تُتيح مسابقات المهرجان الفرصة للمشتركين للفوز بجوائز توفّر لهم فرصة مواصلة شغفهم في صناعة الأفلام.
وتشمل جوائز «المهر الطويل»:
– جائزة أفضل فيلم روائي؛
– جائزة أفضل فيلم غير روائي؛
– جائزة لجنة التحكيم الخاصة (لفيلم روائي أو غير روائي)؛
– جائزة أفضل مخرج؛
– جائزة أفضل ممثل؛
– جائزة أفضل ممثلة.
وتتضمن المجموعة الأولى من الأفلام المشاركة في مسابقة «المهر الطويل»، المُعلن عنها اليوم فيلم «إلى آخر الزمان»، في عرضه العالمي الأول للمخرجة الجزائريّة ياسمين شويخ التي تُنجز هنا فيلمها الطويل الأوّل بدعم من برنامج «إنجاز» لمرحلة ما بعد الإنتاج، وهو برنامج تابع إلى سوق مهرجان دبي السينمائي الدولي.
تدور أحداث الفيلم داخل مقبرة «سيدي بولقبور»، حيث جهّز حفّار القبور علي، البالغ من العمر 70 عاماً، كلّ شيء لاستقبال العائلات الوافدة إلى المكان بمناسبة الزيارة الموسمية للتّرحم على أرواح موتاها. يلتقي علي الستينية جوهر التي تزور قبر شقيقتها، للمرة الأولى بعد فقدان زوجها. لدى جوهر رغبة في أن يكون رُقادها الأخير إلى جوار شقيقتها، فتقرّر بدء تنظيم جنازة خاصة بها، وتطلب المساعدة من علي. وخلال فترة الإعداد هذه يكتشف الإثنان بعضهما على وجل. وعلى الرغم من تردّد جوهر في الانسياق وراء هذا الشعور المتجدّد في عمرها الحالي، تصبح المقبرة مسرحاً لقصة حب.
وإلى جانب ياسمين شويخ، تنضم المخرجة المصريّة الموهوبة هالة القوصي إلى المهرجان مع فيلمها « زهرة الصبّار» المدعوم من برنامج «إنجاز». يروي الفيلم قصّة ثلاث شخصيّات، هي عايدة، الممثلة الصاعدة والآتية من خلفية قروية، والتي تجد نفسها بين ليلة وضحاها، مطرودة من منزلها وتجول في شوارع القاهرة بصحبة جارتها سميحة البرجوازية المنطوية، ودونما أيّ مال أو مكان تلجآن إليه. تبدأ عايدة بمساعدة شاب اسمه ياسين رحلة البحث عن مأوى. يتحرك الثلاثة في رحلة لاكتشاف الذات ما بين أحداث اعتيادية، وأخرى كارثية أحياناً، وتنمو بينهم صداقة تفوق الاعتياد، مثل زهرة رقيقة تتفتّح من بطن صبارة شائكة.
ويعود المخرج المغربي نبيل عيوش مجدداً إلى مهرجان دبي السينمائي الدولي هذه المرة مع فيلم «غزية»، الذي اختير ليمثل المغرب رسمياً لـ «أوسكار» أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية لعام 2018. يتطرق الفيلم إلى مفهوم الحريّة من منظور خمس قصص مختلفة، يبدأ بعضها في الثمانينيات وأخرى في الوقت الراهن في الدار البيضاء، والرابط الوحيد بين القصص هو معلّم في مدرسة في قرية صغيرة في جبال الأطلس.
وتشارك المخرجة الفلسطينيّة آن ماري جاسر مع فيلمها المؤثر «واجب» الفائز بجائزة «دون كيشوت» في مهرجان لوكارنو السينمائي والذي اختير لتمثيل فلسطين رسمياً لـ «أوسكار» أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية لعام 2018. يتناول الفيلم قضية الصراع بين الأجيال، وتدور أحداثه في مدينة الناصرة، عندما يعود الشاب شادي إلى مسقط رأسه، بعد سنوات طويلة من الغياب في الخارج، لمساعدة والده في التحضير لزفاف أخته. وخلال هذا اليوم تتوضح ملامح العلاقة الهشّة والمتوترة بين الرجلين، لتصل إلى ذروتها وتضع كلاً منهما أمام تحديات مختلفة. يجمع الفيلم الممثل الفلسطيني الكبير محمد بكري وابنه صالح بكري لأول مرة على الشاشة الكبيرة في فيلم طويل.
وينضم إلى الأفلام المشاركة في مسابقة «المهر الطويل» فيلم «جنّة بلا ناس» في عرضه العالمي الأول للمخرج اللبناني لوسيان بورجيلي. يتناول الفيلم قصّة سيّدة العائلة جوزفين التي تجد نفسها سعيدة للمرّة الأولى منذ سنتين، حين تجمّع أفراد عائلتها المتباعدة حول مائدة غداء عيد الفصح. فرحٌ ظاهري يُخفي أجواء التوتّر السائدة في العائلة، وتكفي حادثة بسيطة لإحداث تغيير جذريّ في حياتهم، ولتُنسي هذه السيّدة وجميع أفرادَ عائلتها أجواء الاحتفال والفرح.
وتتضمّن مسابقة «المهر الطويل» أيضاً الفيلم غير الروائي «آخر الرجال في حلب»، للمخرج السوري فراس فيّاض، الذي سبق وحاز على جائزة لجنة التحكيم الكبرى في «مهرجان ساندانس السينمائي»؛ فبَعد أكثر من خمس سنوات من المأساة السوريّة يُعدّ سكان حلب، أكبر المدن السورية، أنفسهم لمواجهة حصار خانق. يرصد الفيلم حياة اثنين من عمال الدفاع المدني (ذوو الخوذ البيض)، ويُسجّل تفاصيل الحياة اليومية في أثناء الحرب، مصوراً مأساة الأحداث وتناقضاتها، التي تتشابه مع قصص العديد من السوريين الذين يعيشون تحت نيران الحرب.
ومن لبنان أيضاً، تشارك المخرجة رنا عيد بفيلمها غير الروائيّ «بانوبتيك» المدعوم من برنامج «إنجاز»، والذي يتمحور حول مدينتها بيروت. «بانوبتيك» هو رسالة موجهة من رنا عيد إلى والدها في محاولة للتعبير عن حزنها إثر وفاته، وفيه استذكارٍ للأوقات التي أمضتها في الملاجئ تحت القذائف خلال الحرب الأهلية اللبنانية. تحاول رنا التصالح مع ماضي بلدها المضطرب، ليتغلغل الفيلم في خفايا بيروت كاشفًا المفارقات العديدة السائدة في لبنان، في حين اختار البعض من شعبه إشاحة البصر عن عيوبه وعن تاريخه. تستكشف المخرجة بالصورة والصوت عدداً من المعالم الشهيرة في المدينة ومن خباياها.
ويشارك المخرج العراقي محمد جبارة الدراجي بفيلمه «الرحلة». يتناول الفيلم قصّتي سارة المُقْدمة على تفجير نفسها في محطة قطار وسط العاصمة بغداد وموظف المحطة سلام، الذي يدرك بأن المرأة تحمل حزاماً ناسفاً. يحاول سلام إقامة معبر للحديث معها كي ينقذ نفسه وكل من حوله في المحطة.
ويعود المخرج العراقي/البلجيكي سهيم عمر خليفة، الحائز على العديد من الجوائز إلى مهرجان دبي السينمائي الدولي مع فيلمه الروائي الطويل الأوّل «زاغروس»، والذي يروي فيه قصة کردي يعمل راعياً للغنم ويعشق زوجته، ولکنها ترحل هي وابنتها إلى بلجيكا إثر إشاعات انتشرت عن خيانة المرأة لزوجها. وبعد فترة يلحق الرجل بالمرأة وابنتها. وهناك يكتشف أموراً غريبة عن زوجته ما يهز ثقته بها. وعليه اتّخاذ قرار حاسم.
وبمناسبة الإعلان عن المجموعة الأولى من الأفلام المشاركة في مسابقة «المهر الطويل» قال مسعود أمر الله آل علي، المدير الفني لـ« مهرجان دبي السينمائي الدولي » بأنّ المهرجان «يركّز على عرض أبرز المواهب العربية، ويمنحها مسابقة خاصة بها، للإسهام في تطور السينما العربيّة»، وأضاف المدير الفنّي للمهرجان بأنّ قائمة الأفلام الطويلة لهذا العام «تتضمّن مزيجاً متنوّعاً وغنياً من نتاج مبدعين عكسوا تاريخ وواقع وطننا العربي الثري بالقصص والحكايات الإنسانية».
بدوره قال أنطوان خليفة، مدير البرنامج العربي في «مهرجان دبي السينمائي الدولي»، بأنّ أفلام مسابقة «المهر الطويل» لهذا العام «تستكشف قضايا العالم العربي المعاصرة والمتعلّقة بالمناخ السياسي، إضافة إلى التقاط وإبراز المواضيع الاجتماعيّة التي يعاني منها المجتمع مثل الهويّة والتهميش واكتشاف الذات»، وأضاف بأنّ أبطال تلك الأفلام «يجدون أنفسهم في مواجهة أوقاتٍ وظروفٍ عصيبة، ما يدفعهم إلى اكتشاف الذات في رحلاتٍ طويلة، ونحن واثقون بأن هذه القصص ستثير اهتمام المشاهدين في ديسمبر المقبل».