لحظة تخادع

مبارك السريفي

الجسد الأزرق الهيمان
في حشمة يراوغ زرقة الثوب
و يرتسم
و الثوب الأزرق الغيور
في تموّج يمحو تضاريس الجسد
و يعاند
أما العيون المستمتعة بلحظة التخادع
فخلسة تخدع الإثنين معاً
اللقلقان بالأبيض و الأسود
و في وقار يقفان
فوق صومعة المسجد
متعانقين يرقبان حركة القطارات
ينزل مسافرون يرحل آخرون
و هما هناك عالياً
و في وقار يرقبان
حركة الفضاءات
يهدم مكان و يشيد آخر
و هما هناك عالياً وفي وقار
لا يأبهان بتغير المكان
ولا حركة الزمان
ملحمة الأرض والحلم والرجال
(لهاث شديد) .. (نبش شديد)
أنامل دامية تنبش ركام البيت الذي كان
تنبش التراب المبلل والحصار
أنامل دامية تعيد خلط التراب الأزلي
من تحت الأنقاض
لاحت دمية حمراء
جنت الانامل ارتفع اللهاث
(نبش شديد) .. (لهاث شديد)
الانامل الدامية ترتعش حول الدمية
تمسح عنها تراب البيت الذي كان والغبار
بحنان تسحب ما تبقى من الدمية
وبقية يد تمسك بها
أبت ألا تتركها وحيدة
بالأمس حكى الاب لابنته أسطورة الارض والحلم والرجال
بالأمس حكت البنت لدميتها أسطورة الأرض والحلم والرجال
(بكاء شديد)
(نبش شديد)
(لهاث شديد)
دموع تنهم دماء تسيل أجساد تتحلل
على أرض
يولد فيها الاطفال مشروع قربان
فدى لملحمة الأرض والحلم والرجال
ذات صباح باكر في إحدى مقاهى طنجة
رشفت من كأسي
ربما نسيت هاتفي هنا
ربما ضاع هاتفي هنا
رشفت من كأسي وحدي هنا
أتطلع إلى عقارب ساعتي
الشارع العريض خال
إلا من بعض الثملين وبائعات الهوى يتمايلون في اتجاهات مختلفة
إشراق يمحو خذلان الليل
متوعداً ومنذراً بالمعاودة
بدأ المقهى يحيى و ساعة يدي وقفت
أخرجت النقود من جيبي
دفعت .. قطعت الرصيف
أوقفت سيارة أجرة
«محطة القطار»
قلت.
«نسيت هاتفي» قلت.
رجعت .. فتشت .. سألت
«محطة القطار»
قلت.
أشفقت على الثملين وبائعات الهوى
وعلى نفسي «وحيدا أنا»
قلت «من دون هاتفي»

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة