هذه الرسالة الثانية التي اكتبها لكم. الاولى (عبر المحمول) كانت من مطار بغداد يوم كنتم وزيرا للنقل قبل سنوات ناشدتكم فيها التدخل لحماية عشرات العائلات العراقية والمسافرين من عملية نصب لشركة طيران يقال انها تحظى بحمايتكم حيث قضوا نهارا كاملا في صالات الانتظار حتى ساعة متأخرة من الليل لايعرفون ماذا حل بمصير رحلتهم، والحق انك تدخلت بعد الرسالة قبل ان يلجأ المسافرون الى اعمال العنف في مكان شديد الحساسية.
هذه الرسالة، الثانية، تناشدكم، وبوجيز الكلام، ان لا تحزّبوا، ملف الحشد الشعبي، ولا تنسوا ولامرة واحدة ما يعرفه الجميع عن خلفيات هذا المشروع الوطني والجهة التي أذنت بتأسيسه، وسأكون اكثر صراحة لأعلان قلقي، كمواطن وكاتب واعلامي، حيال ما أراه توظيفاً لدماء وتضحيات ابناء الحشد الشعبي في دعاية انتخابية استباقية تسعون من خلالها الى سلطة القرار في البلاد، واختزال «الجهاد» ليصبح اداة تنافر، فيما هو، في تنبيهات الامام علي بن ابي طالب (ع) وسيلة «صلاح» بقوله في رسالته المعروفة الى الاشتر أنْ جاهدوا «ولا تفرطوا في صلاح» ووصفه للجهاد بانه جهاد بالنفس والمال، وانه «لباس التقوى» فلا يجمع هذا الجهاد بالتزاحم على المناصب. انه الشيء ونقيضه، كما ان سلطة القرار ومنصب ادارة الدولة يشترطان رجاحة المنهج والرؤى والمواقف، في حين تضم حافظتنا الاعلامية اشارات على مواقف لكم، اقل ما يقال انها تجانب الصواب، فقد عارضتم خطة تحرير صلاح الدين وعندما تحررتْ بمشاركة الحشد الشعبي «غير المتحزب» دخلتم المحافظة، كما وشككتم في نجاح القوات الامنية في تحرير الفلوجة، لكنكم بعد التحرير كنتم تروجون «اسطورة الجهاد والتحرير» باسمكم، وكل ذلك مؤرشف بالصوت والصورة في خزانات «غوغل» واليوتوب، وهناك مقاطع مصورة عن فضائيات تتضمن لقاءات لكم تلومون الدولة وحكومة العبادي على تقصيرها في دفع رواتب مقاتلي الحشد، وتجهزون صورة مربكة لمظالم «مالية» وذلك بموازاة تقارير رسمية، واخرى محايدة، تؤكد نقائض لهذه الصورة، وثمة بهذا الصدد ارقام ومعطيات متداولة ومتاح للجميع الاطلاع عليها.
وفي مرات كثيرة اسمع خطابا او تصريحا لجنابكم حول الحشد الشعبي ودوره، كما لو انه جهة تحت امرتكم، لا علاقة لها بالدولة، واتساءل هل انتم في جبهة الحكومة، ام في جبهة المعارضين لها؟ علما انه لا يحق لي ولا لأي احد ان يعترض عليكم (ولا على غيركم) في ان يكون حكوميا، أو ان يكون معارضا، فهي حقوق محفوظة للجميع على وفق الدستور، لكن المشكلة في مواقفكم انها تضع قدما في الحكومة وقدما اخرى في مشروع الاطاحة بها، في وقت واحد، الامر الذي له توصيفات سلبية كثيرة لست ممن يستعملها في تجريح المقامات السياسية، وكان رئيس الوزراء، وقبل ايام، قد ابلغ ما يزيد على اربعين اعلاميا(وكاتب هذه الرسالة بينهم) بانه ومنذ اربعة شهور امر قوات الحشد الشعبي في منطقة تلعفر ببدء عمليات عزل المدينة على وفق الخطة المرسومة «لكن الامر لم ينفذ» واضاف «لو انهم نفذوا لعجلنا في عملية تحرير الموصل ولقلّت خسائرنا» وقد نشرت بعض الاقنية الاعلامية هذا الكلام، الذي طرح اسئلة ومخاوف وتفسيرات ليس في صالحكم على اية حال.
بوجيز الكلام، سيادة المجاهد، هناك كلام كثير في المحافل السياسية عن سعيكم الى منصب رئيس الوزراء القادم، وثمة منقولات عن «صفقة» مع زعامات سياسية للعب المبكر، غير المناسب الآن، في هذه الساحة، آمل ان تكون محض تسريبات لا اساس لها من الصحة.
مع تمنياتي بالتوفيق.
عبدالمنعم الأعسم
رسالة مخلصة الى السيد العامري
التعليقات مغلقة