(2-2)
عبد الغفار العطوي
المشكلة انه لم يكن عهري يوما مقترنا بمال او بحاجة فلم اكن عبدة لجنس او لذة لم يكن لتمرد او لثورة اصابني العهر كأنه عدوى ، و لم يعنني ابدا ان ابحث لدواء له ص9 ،و معنى هذا ان حكايتها سوف تكون قاعدة بيانات للأسباب التي أدت الى لصق صفة العاهرة بريم من ناحية ان الحوادث التي عصفت بها و هيأت لها جو السقوط هي التي يجب مناقشتها ، و نجحت البطلة بمساعدة الكاتب(ة) في استعراضها ، و سجلتها في كتاب رسائلها المقطع في عاصفة الحجر العائلي بعد فضيحة فقدها لعذريتها من قبل مازن و رامي بوشاية صديقتها آلاء هي لم تختر العهر ، إنما أهلها هم الذين أوحوا لها بأن الله يراها و يراقب سلوكها ، و يمنع اختلاطها بالفتيان ، و بدا ان والديها (خاصة امها فاطمة ) يتشددان في حثها على الابتعاد عن أولئك الفتيان ، و هما لا يعلمان إن اجراءاتهما الوقائية في منعها من اللعب مع الطلاب في الابتدائية ، و انتزاعها من صداقة الطفولة ( مع صمد او عبدالصمد) في امريكا هي المفتاح السحري لدخول فضاء العهر(او قفص العهر الذي كانت تتوق للانطلاق منه مع روبرت كالعصافير ) كانا يتوعدانها عقوبة شديدة من الله (امسكتني يا صمدي من يدي و اتجهنا للإرجوحة لكن ما بالها يدي تعصيك ما بالها يدي تخشى ان تكون حطبا في من وقودها الناس و الحجارة —- كنت اشعر بأمي و كأنها تجلس قرب الله تحكي له عن عصياني فيغضب مني كثيراً ص 61 لكن الوعيد لم يفلح في ثنيها عن العهر مادام الامر بيد الله و ليس بأيديهما بوجود حاضنة الشيطان( في مصر التي ستنتقل العائلة اليها بعد وفاة الجد)قالت الكاتب(ة) بلسان البطلة حول مرحلة الغربة و يحدث احيانا الا تكون الغربة غربة اوطان فقط ص62 لأن انتزاع ( ريم ) من طفولة هادئة سلسة في امريكا ستدفعها ثمنا باهظا تتلقاها بعد فوات الاوان بعد ان تتحول رسالة صمد و ارجوحته و حلواه و ما بذلته خالتها قسمت في محاولة إعادة طفولة و صداقة و ماض ماضيا مستعادا بلقوة لا بالفعل يتأرجح بين المقدس و المدنس ، قطباه ياسر ( صمد الخفي ) الذي يمثل القداسة و الطهر ( في امريكا) و روبرت الامريكي الكاتب الروائي الذي يسخر من العرب( يحادثني روبرت عن العرب ، يغرز اظافره في عروبتي القديمة تقول ريم يمر بكلماته كالسيف على جروحي الغائرة التي لن تلتئم يسألني :ــ كيف تتم التوبة عندكم؟ص74) إضافة الى جوقة المفسدين ( رامي و مازن و مصطفى ) الذين يتبنون العهر و الجنس و الاغتصاب و الاغواء) في مصر و امريكا و هم بمثابة الدنس و البذاءة التي طلعتا عليها بعد اجتثاثها من طفولة صمد و ارجوحة صمد ، لهذا لما ارادت استعادة ( قداسة ) جسدها قامت ريم بحركة تطهير عميقة تقول مخاطبة روبرت ( أتدري ان توبتي بحق تتطلب الانتهاء منك ؟ ان اقوم ببترك من جسدي و قلبي ص 75) لكن قبل هذه الحركة التوبة التي أنقذت من خلالها جسدها المقدس من جسدها المدنس ، كان لا بد من الوقوع في المحذور ، أن تلف العالم بجسد مدنس وروح مقدسة ، أن تتساقط تباعا عذريتها عفتها و شرفها مودة اهلها ابيها امها فاطمة فارس و حسام ان تتصاغر في غربتها و نبذ الناس لها سوى قسمت المدمنة على اعواد الثقاب و آلاء التي تباهت ذات يوم بعدم عذريتها و عادت تنكر ذلك بسبب غيرة الالهة من جسد مليء بالشامات التي تشه التوت ، و غضب الله الذي ظل حريصا على مطاردة ريم بالمزيد من تدنيس جسدها ، لهذا حرصت ريم على الصلاة و التطهر عقب كل ممارسة للجنس مع الرجال ، لأنها تكاد تعلم ان الله يعلم ان جسدها إنما يؤدي فريضة التدنس عن طيب خاطر ، و إن أمها و هي تشهر عقوباتها أمامها ليس حرصا او خوفا عليها لذاتها بل هي تعاليم مقدسة قادمة من الله ، الله الاسلامي و ليس المسيحي ، لأن الله الاسلامي لم يمنع ان تفقد ريم عذريتها على يد مازن و لم يحول عن أن يوجه رامي لها الاهانات بالحبس في الحمام او برمي النقود لها ، و لم يردع عائلتها في إلقائها في الشارع ، و لما اتموا استعادتها حبست في غرفتها، كان الله في مفهوم الام فاطمة هو الذي يأمر بمحافظة النسوة على العذرية بأية طريقة ، و لا يفكر مؤمنوه بالعواقب ، المهم إداء الشعائر و الصلوات دون الموافقة على صدق النوايا ، لهذا عندما اصبحت عاهرة تمارس الجنس في مصر و هي فتاة ، و لما هربت الى امريكا و تعرفت على روبرت رضيت ان تمارس ثقافة الصلاة و التطهر عقب أية ممارسة جنسية مع روبرت ، و هي تسقط في الجسد المدنس ، كانت تفكر بجسدها المقدس الذي تركته عند ( صمد ) و ارجوحته و حلواه و رسالته و طفولة تمزقت ، لكن الذي أعادها الى الواجهة الى التوازن بين المدنس و المقدس ( ياسر)فعله السحري في المكتبة في نيويورك ايقظ في جسدها لوعة العروبة الصامتة ، و احست إن ثمة أملاً ليس في الديانة المسيحية التي لا تقطع الطريق عن التائب ، و تتساهل مع العاهرات المغلوبات بسبب غضب الرب ، إنما في الاسلام إذا أخذ باللين ، هي طلبت من روبرت الذهاب للكنيسة للاعتراف هروبا من عصا الشيخ ، لكنها عادت تمارس الجنس مع روبرت ، فالمسيحية تغض الطرف عن الخطايا المتعلقة بالجسد المدنس للعاهرات لكن الاسلام لا يسمح الا إذا كانت هناك يد تزيل عنها وعثاء سفرها الطويل و تقلب جسدها عاريا مدنسا بين احضان الرجال ، يد ياسر هزتها من العمق ، هز جسدها المدنس اسقط نفايات العهر و جحود الاهل و احتال ياسر مع جوليا و راتشيل لما انسلخت ريم في فورة الارتداد القداسي على إنقاذها من القطيعة الدناسة ، لتكتشف بعد يأس و قنوط إن جسدها جسدان ، جسد للعهر و لسطوة الله عبر تعاليمه التي تنفذها الام فاطمة كما اوحت الام في كل جلساتها السرية مع ريم العفيفة ، و روبرت و اضرابه من الذئاب المنفردة ، و آخر لصمد و ياسر حيث نجد تعاطف حلا المطري جليا في النهاية ، في أفق اللا توقع تقول البطلة ريم حينما امسك ياسر يدها يقبلها ــ احبك وجدت نفسي في عينيه وجدت امي و ابي و فارس و حسام وجدت ريم الصغيرة قال ــ أتحبين الاسرار ؟ ــ اجل و لا ــ ما رأيك لو اخبرتك سرا ــ ص 231.