بصمة مميزة لزها حديد في وطنها العراق
بغداد x- الصباح الجديد:
إذا كان رحيل أيقونة المعمار العراقي والعالمي، المهندسة المعمارية زها حديد، قد شكل خسارة فادحة ليس للعراقيين حسب، بل وللإنسانية جمعاء، فإن الحسرة على عدم وجود بصمة لها على أديم وطنها العراق عامة، وبغداد خاصة، التي ولدت وترعرعت فيها، كانت تتعاظم في ظل بصمتها المبهرة والمدهشة والمثيرة للجدل، عبر شواخصها المعمارية، التي تزينت بها شتى العواصم العربية والاجنبية .
وقبل رحيلها المؤلم، كان لها أن تحقق بصمتها في وطنها، بتصميم بناية البنك المركزي العراقي الجديدة، الواقعة في منطقة الجادرية من العاصمة بغداد، والمطلة على نهر دجلة الخالد.
لقد حرصت زها حديد، على أن تكون هذه البصمة متميزة جدا، لتضاهي تصميمات كبريات البنوك المركزية في المنطقة والعالم، حيث من المؤمل أن يتم الشروع بتنفيذ وإنجاز هذا التصميم لمبنى البنك المركزي، الذي يتكون من أربعة وثلاثين طابقا، وبأحدث المواصفات المعمارية والهندسية والتقنية، خلال العام الحالي 2017.
المهندس صالح ماهود سلمان مدير عام الادارة في البنك المركزي العراقي، تحدث لـ»الصباح الجديد «عن سبب التفكير بإنشاء بناية جديدة للبنك المركزي العراقي، قائلا:» بعد العام 2003 بدأ مجلس ادارة البنك المركزي العراقي، يفكر جديا في مسألة تغيير مكان البنك، لأن المنطقة التي يقع فيها البنك في شارع الرشيد، منطقة مكتظة وحيوية، لوجود مركز تجاري كبير، فباتت لا تتسع، بل تعوق فعاليات البنك المركزي، من نقل العملة الى المصارف الحكومية والاهلية، ومزاد بيع العملة الاجنبية، وغير ذلك من الفعاليات المالية المهمة، لذلك جاءت فكرة إنشاء مبنى جديد في منطقة الجادرية ببغداد في موقع يطل على نهر دجلة الخالد».
مؤكدا:» إن ادارة البنك، في ذلك الوقت، حرصت على أن يتم التصميم على وفق أحدث التصاميم العالمية الهندسية والمعمارية، والتقنية، لذلك حصلت على موافقة مجلس الوزراء على تكليف زها حديد بتصميم البناية، كونها معمارية عراقية وعالمية مشهورة، وتصاميمها متطورة جدا، وحصلت على جوائز عالمية مرموقة «.
وأشار الى أن: ردود فعل الراحلة كانت إيجابية جداً، لأن تصميم بناية البنك المركزي، كان أول مشروع تقوم بتصميمه داخل العراق، وكانت اللقاءات المتعددة معها مثمرة جدا، تم فيها عرض كل ما يتعلق بالرؤى والافكار عن تأريخ ورموز العراق الحضارية، وقد تطور التصميم اكثر من مرة الى أن وصل الى ما هو عليه الآن».
وأوضح : « لقد عاملت زها البنك معاملة خاصة، فالأسعار التي قدمتها راعت فيها مصلحة العراق، وحسب معلوماتي، أنها في مفاوضاتها مع شركائها، تخلت عن حصتها في الارباح في هذا المشروع«.
لقد تقدمت (18) شركة لإنجاز التصميم، وبموجب الاجراءات القانونية المتبعة، تبقت (4) شركات دخلت المنافسة الجدية، ومن المتوقع أن تتم الاحالة الى إحداها.
وهنا يؤكد المهندس سلمان :» حرصنا، كبنك مركزي، على عدم الخوض في الكلف المالية وتركناها للشركة الاستشارية، لوجود اختلاف بالنسبة للشركات، بخصوص ماتريد اضافته من نسب مئوية، فيما يخص ادارة المخاطر أو المسائل اللوجستية «.
مشيرا إلى « أن بناية من هذ النوع وهذا المستوى، من التصميم المعماري الراقي والفاخر، كان من الضروري أن تنفذها واحدة من كبريات الشركات العالمية، إذ أن تشييد بناية لبنك مركزي تختلف تفاصيلها عن أية بناية أخرى، لاسيما فيما يتعلق ببناء الخزائن والنظم التكنولوجية المتطورة وغيرها «.
تبلغ مساحة الارض التي سيتم تشييد البناية عليها (19) ألف متر مربع، وتشمل برجاً يتكون من (34) طابقا، إضافة الى طابقين تحت الارض، وتحتوي مرائب لوقوف سيارات الموظفين والضيوف والسيارات الخاصة بنقل العملة، ومطعماً، ومتحفاً، وقاعات للاجتماعات، والمؤتمرات، ومسرحاً للاحتفالات وغيرها، واستعمال أحدث وآخر ما توصلت اليه التكنولوجيا نسبة لخزائن البنك المركزي، وعملية عد وفرز وخزن العملة والذهب وغيرها.
وهذا التصميم يمثل أول تصميم لزها حديد لبناية بنك مركزي في العالم، لأن تصاميمها كانت تتعلق بمراكز ثقافية وترفيهية وغيرها، لذلك فهو يمتاز بخصوصيته، ويعتقد أنه سيكون صرحا مهما، ليس على مستوى العراق حسب، وإنما على مستوى المنطقة والعالم، وبما يتلاءم ومتطلبات الحداثة وروح العصر، حيث من المتوقع أن يتم الشروع بالبناء، والتشييد نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل، على أن ينجز خلال أربعة أعوام، وهو المنجز الوحيد لها من بين 950 مشروعًا نفذ في 44 دولة، لم تره شاخصا، إذ توفيت في 31 مارس عام 2016 عن عمر ناهز 65 عامًا، إثر إصابتها بأزمة قلبية، في إحدى مستشفيات ميامي بالولايات المتحدة، كما هو حال معظم كبار مبدعي العراق، ومن هنا جاء عزم البنك المركزي، على إقامة نصب تذكاري لزها، في مبناه الجديد تكريما لها.