حكومة الأغلبية.. رصاصة رحمة!

عمار البغدادي
كاتب عراقي
كنت من بين الذين توقعوا انطلاق ماراثون الطروحات السياسية الخاصة بتشكيل الحكومة العراقية كلما اقتربت الانتخابات النيابية من موعدها وسينبري قادة الكتل السياسية بالحديث عن التطلعات والامال في انبثاق حكومة مرة باسم الاغلبية الوطنية ومرة باسم الاغلبية السياسية!.
اتوقع « والله اعلم» سجالا كبيراً على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة اذا لم يحسمها تيار الرئيس العبادي باغلبية مقاعد تكون اكبر من كل الكتل الراهنة حيث تسربت معلومات ان الرئيس سيرأس ائتلاف دولة القانون في الانتخابات المقبلة لكن الرجل سينأى عن خيار تشكيل حكومة اللون الواحد الى الالوان الوطنية المتعددة شريطة احترام المكونات السياسية لعمل وبرنامج الحكومة المقبلة وان يكون الوزير يتمتع بشروط ومواصفات الوزير الكفوء وان لاتتكرر «مآساة» خطاب التغيير!.
ان الحديث عن حكومة اغلبية سياسية ثأر لتراكم خلاف بين رئيس الوزراء المقبل من الكتلة الاكبر والوزراء القادمين من الكتل الاقل حجماً المشاركة في حكومة الكتلة الاكبر..هذا لايعني ان الوزراء الذين يعملون طبقاً لتوجهات كتلهم في الحكومة من الكتل السنية « اتحاد القوى او الوطنية» مثلا بل من الوزراء الشيعة ايضاً لذلك فان امكانية تشكيل حكومة اغلبية سياسية لن يكتب لها النجاح اذا لم توضع شروط موضوعية واتفاق حقيقي بين الكتل السياسية على تشكيل حكومة وطنية قادرة تتغلب على انا الكتلة الاكبر في تشكيل حكومة الاغلبية الوطنية وان يكون رئيس الوزراء مطلق اليد في التصرف واتخاذ القرارات وان يكون الوزير وزيراً في الحكومة وليس سفيراً من قبل قيادته في الحكومة!.
العراق ايها السادة لن يستطيع احد من القادة السياسيين الحاليين الذين عبر احدهم في مقابلة تلفزيونية معروفة عن عدم قدرته وقدرة القادة الآخرين على ادارة الدولة العراقية بالقول اننا فشلنا في ادارة الدولة العراقية وانا ايضاً فشلت في ادارتها وحده او بكتلته لان اغلب القادة السياسيين جربوا ادارة الدولة خصوصاً من عبر عن فشله في ادارتها في تلك المقابلة التلفزيونية المعروفة فكيف يأتي اليوم ويعلن ان العراق لاتحكمه الا صيغة الاغلبية الوطنية او السياسية من دون الاتفاق مع المكونات الأخرى بالمشاركة والتأسيس والتعاون كون العراق لايحكم الا بالمشاركة ثم كيف يعلن عن استقالته عن مهمة الذهاب الى خيار الادارة السياسية للبلد وهو القائل انه فشل وعلى القادة الاخرين ان يفسحوا في المجال لاجيال مقبلة تتولى ادارة البلاد؟.
اظن ان الرئيس العبادي قادر على المواءمة والتعاون والانسجام والحفاظ على كيان الحكومة العراقية برغم المشكلات والعقبات والتآمر الداخلي والخارجي عليها بدليل ان حكومته لم تشهد انسحاب وزير واحد من وزرائها بمبرر الاعتراض على رئيس الوزراء وطريقته في التعاطي مع مجلس الوزراء وادارته وماجرى بعد بيان التغيير الوزاري كان استقالات على خلفية اتاحة الفرصة لكفاءات عراقية أخرى لادارة الدولة وليس اعتراضاً على قرار الرئيس بالتغيير الوزاري في 9/2/2016.
اقول ايضاً .. ان العراق محكوم بمبدأ المشاركة من رأسه الى اخمص قدميه بسبب التنوع والواقعيات المجتمعية والسياسية في الساحة العراقية وليس بسبب الاجراءات والقوانين التي اتخذها بريمر وقراراته والدستور العراقي الذي كتبته الاصابع نفسها التي تتحرك الان على الاغلبية السياسية.
اذا لم تتوفر القدرة السياسية وامكانية استيعاب التنوع الوطني ومكوناته واشواقه وتطلعاته في هذا العراق المفتوحة ابوابه على خيارات التقسيم والتجزئة واللعب على اوتار «الطائفية المقيتة» فعلى القادة السياسيين الحاليين عدم اللعب بمشاعر الناس والتجاوز على ماهو مكتوب بالدستور لان العراقيين صوتوا عليه و الطبقة السياسية نفسها الحالية هي التي دعت الناس بقوة الى التصويت وعدّته انجازًا في مرحلة التأسيس لا يعلو عليه انجاز!.
ان منطق المشاركة هو الذي يحول الدولة العراقية الى دولة نامية وفاعلة وحقيقية وليست كاذبة وانا واثق ان حكومة الاغلبية اذا ماتم تمريرها وتشكيلها كما مررت الحكومة الاولى في انتخابات2007 رغماً عن اغلبية اصوات الناس باسم « الكتلة الاكبر» فان التحدي سيكون اكبر وان الكلام عن التهميش سيكون اعنف.. مع ان «المكون السني» ممثل بهذه الحكومة والحكومات السابقة لكنه يتحدث دائماً عن التهميش فكيف سيكون شكل الكلام السني فيما لو تم تشكيل حكومة اغلبية سياسية من طرف واحد وتنظر للبلاد من موقع قرار الاغلبية في مجلس الوزراء وليس قرار الاغلبية الوطنية في الشارع؟!.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة