قانون لا ديمقراطي قيد التصويت

امام مجلس النواب للمناقشة والتصويت الآن قانون جديد كُتب في الظلام ودُس في طيات القوانين المتراكمة بعنوان «تنظيم العمل النقابي» وتعجل مجلس الوزراء بتمريره الى السلطة التشريعية من دون إمعان النظر في ما بين السطور من احكام وصياغات اقل ما يقال فيها انها تعيد منهج نظام الشمولية البغيض بفرض نقابة واحدة على ابناء المهنة الواحدة بدل تحرير خيارهم لينتسبوا للنقابة التي يرون انها تمثلهم خير تمثيل، او يبقون من غير عضوية نقابية اذا ما شعروا بلا حاجة لهم لهذه الانتماءات، وهو جوهر النظام الديمقراطي القائم على حرية الخيار المهني والسياسي.
عدا عن ان ذلك يدخل النقابات في تنافس مهني لأقناع جمهور المهنة للانتماء لها من دون اكراه، فيما يضمن ذلك ترشيد مؤسسات المجتمع وتأهيلها لخدمة جمهورها وتنمية الممارسة الديمقراطية، وبناء تعددية من ادنى حلقات النشاط الاجتماعي.
لقد جعل الحزب الواحد الذي حكم العراق بالقبضة الامنية الخانقة من النقابات المهنية اوكاراً لقهر وارهاب وتجنيد المواطنين، وما يزال الصحفيون والمعلمون والعمال والاطباء والمهندسون وغيرهم من ابناء المهن يتذكرون كيف صارت نقاباتهم واجهات قمعية وهراوات للحزب الصدامي الحاكم وجلاديه، والغريب ان فرسان وابطال تلك التجربة النقابية البغيضة يحاولون منذ فترة احياءها بقانون جديد «يضبط» العمل النقابي ويمررونه، من دون ضجة، ومن غفلة الكثير من النواب والسياسيين ووسائل الاعلام، هذا اذا ما احسنا الظن بالبعض ممن يسكت حيال هذا القانون الذي يحمل نصوصاً مهينة للديمقراطية والعمل النقابي الحر وجمهور المنتسبين للنقابات، ويقبل بها عن غفلة افتراضية.
لكن المسؤولية والصراحة تلزمان تجاوز حسن الظن الى كشف «نيات مبيتة» من جهات سياسية تخطط لفرض نمطية سياسية شمولية في المجتمع تقوم على معادلة «حزب واحد لكل طائفة ونقابة واحدة لكل مهنة» الامر الذي لا يختلف كثيرًا عن منطق المشروع الشمولي المهزوم الذي يعمل بواسطة وكلاء جدد على ترويج الفكرة الغاشمة التي تقول انه لا حاجة للعراقيين الى التعددية التي تفرقهم، بل الى الهراوة التي توحدهم..

********
مي غصوب:
/»صحيح اننا حين نتحدث الى اشخاص معروفين بضعف السمع، يكون من المشروع جداً ان نرفع اصواتنا قليلا، لكن هذا لا يناقض ابداً ما ورد بأن الذين يناقشون في السياسة يتحدثون صراخاً، ذلك ان هؤلاء لا يريدون في العادة ان يسمعوا ما يقوله محاوروهم، مفترضين سلفاً ان هؤلاء المحاورين يشكون ضعفاً في السمع».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة