زهير الفتلاوي*
اهتمت الصحف البريطانية بزيارة وزير حقوق الانسان المهندس محمد شياع السوداني الى لندن ولقاءاته مع المسؤولين هناك ، ومن ابرز الصحف التي افردت مساحة مهمة ضمن صفحاتها صحيفة الغادريان البريطانية التي تصدر في العاصمة لندن والتي نشرت احاديث الوزير كاملة مشيرة بوضوح الى ما اشار اليه السوداني من تعرض العراق الى هجمة ارهابية من قبل ارهابيّ (داعش) معززه بالارقام التي ذكرها الوزير ضمن معرض حديثه عن الضحايا الذين قتلهم الارهابيون الداعشيون ، مبرزة قوله ان ( داعش .. تهديد بالأبادة الجماعية من كارديف الى كربلاء) ، في إشارته الى مدينة كارديف التي هي أحدي المدن البريطانية الشهيرة ، وهي عاصمة دولة ويلز التابعة للتاج البريطاني ، وأكبر مدنها..تقع المدينة الساحرة على الساحل الغربي من المملكة المتحدة .
فقد قال الوزير : أن بريطانيا هي واحدة من أقدم الديمقراطيات في العالم أما ديمقراطيتنا في العراق فعمرها عقد واحد، وهذا التناقض الدرامي في تجاربنا في الحكم الديمقراطي تعطينا دروساً للتعلم من بعضنا البعض حول كيفية ترسيخ المبادئ الديمقراطية في مواجهة الأرهاب والتطرف.
وأضاف : لم يكن انتقالنا من الدكتاتورية الى الديمقراطية سهلاً، ولكوني وزير حقوق الأنسان في العراق فقد شهدت الجهود التي تم بذلها لوضع مبادئ حقوق الأنسان في صميم عمل حكومتنا والمجتمع المدني. أننا ملتزمون ببناء مجتمع يحترم حقوق جميع مواطنيه بغض النظر عن الدين أو العمر أو الجنس، حيث لدينا برامج رائدة تخص العنف المنزلي وحقوق المعاقون. أننا نرحب بقدوم مقرري مكتب المفوض السامي لحقوق الأنسان الى العراق ونحن نعمل بالشراكة مع منظمات غير حكومية من أجل تحقيق التقدم.
وتابع : لقد حصلت منظمة «عمار» الخيرية في بريطانيا على الجائزة الخيرية البريطانية للتنمية والمساعدة الدولية لعام 2014 تثميناً لعملها الدؤوب في السجون العراقية، حيث نظمت برامج حول حقوق الأنسان وسيادة القانون للسجناء. قد يستغرب العديد عندما يعرف بأن حكومتنا كانت راغبة بالسماح لمنظمة خيرية بتنظيم مثل هذا البرنامج في السجون، لكن كما ذكرت المدافعة عن حقوق الأنسان البارونة (كندي) حول تأييدها لهذا البرنامج «غالباً ما يكون للديمقراطيات الأنتقالية سيطرة هشة على حقوق الأفراد وعملية التعلم هذه هي الأصعب ألا أنها قد بدأت في العراق».
وأوضح : أننا لسنا موهومين ما هو العمل الذي يجب أن نقوم به لكن الخطوات الواسعة التي قمنا بها لا يمكن تجاهلها، حيث لم يكن مجرد التفكير بمثل هذا التقدم ممكناً قبل عشر سنوات.
وأشار الى : أن التحديات التي واجهناها والتي نواجهها كبيرة بحيث أن معظم البلدان تعدٌها «لا يمكن تخيلها». فخلال الفترة ما بين 2004 – 2013 قتل الأرهاب (70) ألف عراقي وجرح (250) ألف عراقي، وقد أزدادت هذه الأعداد في الأسابيع الأخيرة. لقد أعاد تنظيم داعش المشكلة الى واجهات الصحف الغربية لكن بالنسبة لنا فأنها لم تختفِ.
وقال ايضا : يحتاج العراقيون الى أعادة التأكيد من قبل المجتمع الدولي على أنه يستطيع وسيساعد حكومتنا المُنتخبة ديمقراطياً في مواجهة وحشية الأرهابيين. فقد قامت داعش بغزو البلد وسيطرت على مدن عراقية. أن هذا لا يمثل خطراً على العراق وحده أو المنطقة وأنما على العالم بأسره من كارديف الى كربلاء. لقد عانت المملكة المتحدة من عنف المتطرفين من قبل مثل تفجيرات 7/ 7 ومقتل «لي ركبي». بالنسبة لبريطانيا فقد تصاعد
هذا التهديد مع وجود مئات من المتطرفين البريطانيين يقاتلون في صفوف داعش الان.
وأوضح سيادته : لقد أرتكبت داعش جرائم شنيعة ضد الأنسانية في العراق، حيث قاموا بقتل 1700 عراقي بدم بارد، العديد منهم تم قتله على أسس طائفية والبعض لأنه تجرأ على مقاومتهم.
واضاف : أن وصف حكم داعش الأرهابي على أنها ثورة سنية هو تضليل، فقد بدأت عملية القتل بأعدام (12) أماماً سنياً من المساجد المحلية لرفضهم دعم داعش. كما تم قتل والتمثيل بأمام مسجد الموصل الكبير الشيخ (محمد المنصوري) عندما رفض القسم على مبايعة هذه العصابة من المجرمين.، ثم رأينا مجموعة من ضباط الجيش والشرطة يُقتلون بدم بارد ورأينا كيف أن داعش كانت فخورة بعرض صور هذا العمل الوحشي على الأنترنت لتعزيز جرائمهم ضد الأنسانية. وفي حادثة أخرى قاموا بفتح السجن المحلي في الموصل والذي يضم (2000) سجين، وتم عزل (900) سجين على أسس طائفية حيث تم قتل وحرق (530) سجيناً منهم وما زلنا لا نعرف مصير المتبقي من (900) سجين.
واستطرد معاليه : كما أن داعش تستخدم الأغتصاب كسلاح في الحرب وتعطي تبريرات دينية مريضة وتُجبر النساء الشابات والفتيات على الفعل مع مقاتلي داعش حيث أنتحرت (4) فتيات مؤخراً بعد أن تم أغتصابهن بهذه الطريقة.
وأكد ايضا : كما أن تراث العراق الديني واقع تحت التهديد، فهو يحتضن العديد من الأثار القديمة كما أن منظمة الثقافة والعلوم (اليونسكو) قد أصدرت بياناً طالبت فيه بالحفاظ على هذه المواقع التاريخية من الدمار. ألا أن داعش قامت بهدم العديد من الآثار القديمة والمخطوطات وسرقت قطعاً آثرية من المتاحف، كما رأينا كنائس قديمة تُحرق بالكامل في الموصل. لقد فرضت داعش ضريبة أجبارية على المسيحيين وتم نهب القرى التركمانية، حيث أجبرت هذه الجرائم أكثر من مليون عراقي على الهرب من بيوتهم الى أقليم كردستان أو مناطق أخرى في العراق.
وتساءل الوزير : هل من الممكن فعلاً أن تسمي هذه ثورة ؟ أن داعش تنظيم وحشي يقوم بأعمال أبادة جماعية وإذا لم يتم إيقافه فستكون هناك إبادة جماعية على مستوى كبير ليس ضد الشيعة فقط وأنما ضد المسيحيين والأقليات الأخرى في العراق وكذلك العراقيين السنة الذين لا يمتثلون لهم. كما تم قتل (21) زعيماً عشائرياً سنياً في مدينتي راوة وعانة في محافظة الأنبار وقُتلت المرأة السنية الشجاعة أمية الجبوري/ عضو مجلس محافظة صلاح الدين في أثناء قتالها ضد الأرهابيين وهناك العديد من السنة الأخرين الذين يقاتلون من أجل الدولة العراقية ضد داعش.
وتابع : من ضمن الذين يروجون فكرة أن هذه ثورة سنية هم ضباط المخابرات في نظام صدام مثل الذراع الأيمن لصدام (عزت الدوري/ حزب العودة) وجيش النقشبندية وهم جميعاً في تحالف مع تنظيم داعش، وهذه المجاميع تُستخدم وتُدار من قبل قوى أقليمية. تذكروا بأن هناك العديد من الحكام في منطقتنا لديهم مصالح في أفشال التجربة الديمقراطية الدستورية في العراق. بالنسبة لبعض الدول فأن عراقاً ديمقراطياً ومسالماً وناجحاً أكثر خطراً من عراق يسوده العنف وعدم الأستقرار.
وختم كلامه بالقول : يجب على جميع أولئك الذين يتمنون أن يروا مستقبلاً شاملاً وديمقراطياً ومستقراً للعراقيين، أن يواجهوا هذه المهزلة وأن يعملوا معاً من أجل دحر خطر الأرهابيين.
*كاتب عراقي