رواية (مقتل بائع الكتب)
حسين علي خضير الشويلي
يبدو ان الرواية العراقية تسير بخطوات بطيئة جداً في هذا العالم الذي عرف غابرييل غارسيا ماركيز و دوستويفسكي وتولستوي وغيرهم من الكتاب المشهورين، ولكن ما يهمنا في مقالنا هذا هو الرواية العراقية التي اصبح لها الكثير من القراء الذين يُسارعون على قراتها، ويحاولون قراءة ما بين سطورها، ومن الروايات التي برزت هذه الايام في الشارع العراقي رواية ( مقتل بائع كتب ) للكاتب العراقي سعد محمد رحيم، ففي هذه الرواية اعتمد الكاتب على الذاكرة كثيراً في سرد الاحداث ولم يعطي فرصة لتعرف على الشخصيات التي تدور حول بطل الرواية، بمعنى كيف يفكرون؟ وفي نفس الوقت لا يدع لهم مساحة لتعبير عن افكارهم او ما يدور في حياتهم الشخصية، خصوصاً المقربين من محمود المرزوق، وكثيرا ما كان الكاتب يجهد نفسه في وصف ملامحهم ، ولا يتحدث عن حياتهم بصورة عامة، والشيء الادهى ان البطل يضيع في ذاكرة الاخرين، حتى الرسائل التي تتحدث عن البطل قد استخدمت كثيراً في سرد الاحداث بمعنى هذه الورقة استهلكت في النص اكثر من مرة ان صح التعبير. وفي اثناء قراءتي للرواية وجدت صوت الكاتب يخيم على جميع الشخصيات، وكأنني اقرأ رواية تتحدث عن الكاتب سعد محمد رحيم، ولا تتحدث عن انفاس محمود المرزوق او جانيت او ناتاشا او ابن اخت محمود المرزوق وغيرهم. وكثيراً ما تغيب اصوات الشخصيات والكاتب يعوض عنها بتلك الرسائل او المذكرات التي تملئ الرواية وتأخذ حيز كبير من الكتاب. حتى الحوارات التي تدور بين الشخصيات شحيحة وتخلو من الحبكة التي تجعل القارئ يتفاعل مع احداثها ويغلط في توقعاتهُ في نهاية الامر. اما مغامرات العشق التي يخوضها البطل فكان الكاتب بارع في ايصال الصورة، ويجعلك تعيش مع مغامرات محمود المرزوق، ومن الوهلة الاولى يخيل لك تعيش في ازقة براغ، وتصعد مع المرزوق في نفس القطار الذي تعرف فيه على ناتاشا، ويجعلك تحلم بشوارع باريس وتطوف في عيون جانيت، وتطيل النظر في لوحات المرزوق، وتستيقظ عندما المرزوق يعود الى العراق، كل هذه الامور تحتسب للكاتب، ولكن في نهاية الرواية يفاجئنا الكاتب بالقبض على من قتل محمود المرزوق وقد اعترف بجريمته ولكن المرزوق لم يكن الشخص المقصود في هذه الجريمة، بمعنى المرزوق كان مقتولاً بالخطأ، وهنا يطرح سؤال لماذا الكاتب انهى حكاية بطلهُ هكذا؟ هل يريد ان يقول لنا هنالك الكثير من امثال المرزوق يموتون بنفس المصير؟ ام ان زمن المرزوق بما يحمل من افكار قد اصبح من التاريخ وما عاد لها اهمية؟ ام انه يريد ان يصور الواقع المر الذي نعيشه يومياً؟ وهناك الكثير من الاسئلة… واعتقد ان الكاتب سعد محمد رحيم لم يأتي بشيء جديد لان رواية ( فرانكشتاين في بغداد ) قد تحدثت بإسهاب عن معاناة الشعب العراقي من تفجيرات وقتل على الهوية، وعن المصير المجهول لكثير من الناس، وما يؤسفني حقاً ان كتابنا هذه الايام كثيراً ما استخدموا هذا المادة التي اصبحت مستهلكة ، بمعنى كثيرة الاستعمال في عالم الرواية العراقية.