الكتابة في السياسة الكتابة في الادب

انها موضوعة مطروحة للنقاش بعد ان برزت الكثير من الكتابات حول حدود التشابك بين النشاطين، وثمة آراء كثيرة في هذا المجال بين من يرى ان الاختلاف جوهري ومن يراه مفتعلا، لكن لا احد ينكر ما يسمى الوظيفة التي يتخذها النص، سياسياً ام ادبياً.
وعلى نحو تقريبي، يمكن تشبيه كاتب النص الادبي بالشخص الذي يدخل صالة السينما ولا يهمه غير حركة بطل الفيلم على الشاشة، وإنشاءات تلك الحركة في نفسه، فيما الكاتب السياسي يعاين تأثير الفيلم على جمهور المشاهدين واشكال التفاعل التي تظهر في مجرى العرض داخل القاعة، ثم خارجها.
وثمة آراء معتبرة وسليمة من حيث كونها مقنعة كفاية تذهب الى القول ان العصر لم يغير من حقيقة ان الكتابة عملية رصد للافكار والظاهرات وإنشائها في عبارات سليمة المبنى والمعنى، ولم تتغير هذه الحقيقة بفعل التغيرات العاصفة على وسائل التعبير وتطور الوعي والمتطلبات التي تفترضها الشؤون الجديدة للقارئ.
من جانبي افترض بأن الكتابة السياسية تبتعد خطوة عن عملية الرصد الى المشاركة، لتصبح جزءًا عضوياً من الحدث، ومن هنا تأتي التباسات الكتابة السياسية، بين ان تشارك من موقع المسؤولية المستقلة (بالمفهوم النسبي) حيال القيم والحقيقة وسلامة النية، وبين ان تشارك كملحق غير مستقل (او تابع) للجهة السياسية، او المشروع السياسي، او الزعامات السياسية، خلاقاً كان ام انكفائيًا، والالتباس يعبر هنا عن نفسه في الخط الفاصل، الرفيع، بين الكتابة السياسية كإنشاء للوعي وصياغة المواقف او بوصفها دعاية تمليها اوامر او متطلبات السياسة.
الكتابة السياسية، تبقى في جميع الاحوال، مسؤولية تتجلى في اسطع معانيها في ساعة الحقيقة التي تملي فروضها قبل فوات الاوان، بأن يقف الكاتب في منطقة الشجاعة ليقول كلمة الحق، من دون خوف، او مداهنة او تدليس.. وقد يقدِم الكاتب،في هذا الموقف، مساعدة للسياسي المتخندق لكي يتراجع او يراجع، فلم يعترف موسوليني بهزيمته إلا عندما قرأ ما كتبه شوستر الكردينال قائلا: «حان الوقت للاعتراف بخطاياك».
اتحدث عن الكتابة السياسية كتحسّب.. وليس كتكسّب.
******
السهروردي
«إذا أشكلَ عليك امران لا تدري ايهما اشدّ فخالف اقربهما الى هواك.. فان اكثر ما يكون الخطأ في متابعة الهوى».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة