الاستفادة من درس زاير محاضراً

قرأت البارحة هنا في « الصباح الجديد» تقريراً شبه مفصل عن المحاضرة التي القاها الاخ رئيس التحرير اسماعيل زاير باحدى الكليات العراقية في العاصمة بغداد..ماقرأته مدهش لجهة التجربة العميقة والمعرفة المبهرة بالحوادث ولأن الرجل تتلمذ «هناك» حيث تجري السياقات على غير «العادة» التي تجري فيها السياقات المماثلة في العراق!.
حري بكل صحفي واعلامي عراقي ان يقرأ بامعان محاضرة زاير ويكتشف «النفس الصحفية» في نفسه مرة أخرى وان كان امضى في مجال المهنة 30 عاماً مثلي فما اكتشفته إننا نحتاج الى الكثير لكي نكون رسل هذه المهنة الكونية والانسانية التي تتحرك على قاطرة القيم الانسانية وتسير حسب مشيئة الحوادث ولاتسير بالضرورة حسب «مشيئة الاحرار» كما يقول عمر الخيام في رباعياته!.
ربما عشت تجربة زاير «الغربية» نفسها فقد جبت البلدان بحثاً عن معنى المعاني ومقادير الحوادث والاشياء وجرى الاحتكاك بالقيم الكبيرة وسياقاتها ومحطاتها السياسية والفكرية ابتداء من الخلية الاولى في حزب الدعوة الاسلامية نهاية السبعينيات الى الصحافة « الشامية» في سوريا ولبنان والعمل بكبريات «الجرايد» البيروتية والسورية الى العمل الاذاعي والتلفزيوني العربي مروراً برئاستي لتحرير اكثر من صحيفة في المعارضة العراقية السابقة وانتهاءً بالكتابة في « الصباح الجديد» لكن الاشارات التي طرحها واشار اليها اسماعيل زاير تلفت النظر دائماً وابداً الى ضرورة البحث عن « المكان الآمن» الذي تبحر فيه «الصحافة الحرة» لكي تؤكد نفسها وتشكل التعبير الاول عن ماهيات الاشياء وحدود القيامات الانسانية في عالمنا العربي وعالمنا العراقي ولاسيما وان هذا العالم يتطلع الى حرية من نوع ابعد وملاذ من طراز فريد يكتسح الراهن وقوانينه وينهض بحمولات المقبل وأحلامه الإنسانية المغطاة بشراشف الموت العلني!.
زاير في محاضرته فتح عيوني على اشياء ماكان يمكن ادراكها الا بالكلمة والتعبير والفات النظر الى القيمة التي تنطوي عليها « الاشارة» في زمن كثرت فيه الاشارات وبنادق المليشيات ورصاص البنادق المجهولة ومن يريد اكتساب الخبرة المضافة الى سنوات «شيبته الصحفية» عليه أن يقرأ محاضرة إسماعيل زاير في الصحافة والاعلام والاهم من ذلك تجربته الغربية في الاعلام الاستقصائي.
على الكليات العراقية دعوة أهل الإعلام لانهم اهل العلم وعدم الاكتفاء بدعوة النواب واهل السياسة لانهم يروجون انتخابياً لانفسهم اما نحن فنروج للتجارب الحية والكلمة المسؤولة والوطن المثقف.
عمار البغدادي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة