ماجد عبد الرحيم الجامعي
الحب معنى نبيل تميز به الخالق قبل المخلوق وكانت رسالات السماء عنوانا لتفصيلاته المتعمقة في النفوس ، ولم يستثن من هذا الاسم الجميل حيوانا ولا انسانا وحتى النبات , ومصداقا لما ذهبنا اليه ، تلك العاطفة الجياشة عند الام في الحنو على طفلها واحتضانه لتغدق عليه ما جاد الله تعالى عليها من مكنونات الحب وكذا الزهور وهي تبذل رحيقها لاسراب النحل والفراشات الملونة …
والديانات القديمة لم تكن بمنأى عن تمجيد صفة الحب في النفس البشرية والذات الالهية ..وتجتمع اليهودية والمسيحية والاسلام على ان يحب الانسان اخاه في الانسانية ويبتعد بأخلاقه عن كل ما يسئ لتلك الحميمية .
هذا جانب مشرق يعرفه الجميع في مشارق الارض ومغاربها ، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه يقول : ( هل يا ترى ان التطبيق الفعلي متطابق مع هذا التوجه الفاصل ؟ ) .. والجواب بالنفي قطعا , الا ما ندر فاليهودي تراه وقد اغتصب الارض العربية في فلسطين وما جاورها عنوة وتحت رؤوس الاشهاد من دون خجل او خوف , ومؤامرات اولاد اليهودية من القردة والخنازير مسجلة في كتب التاريخ القديم والحديث والمعاصر وكان ثقل تلك المؤامرات والدسائس والجاسوسية يتحمله المسؤولون الصهاينة في معاداتهم للاسلام والمسلمين ..
وايضا نجد الكثير من المسيحيين وقد ضموا صفوفهم تحت جناحي مصالحهم مع الصهيونية العالمية ليقفوا بالضد من المصالح العربية والاسلامية في بلاد العرب والمسلمين .. وتضافرت جهودهم لامتصاص خيرات البلدان المسالمة وتتحين الفرص لاذلال الاخرين والسيطرة على منابع النفط وطرق المواصلات والامساك بسلاح التكنولوجيا والدفع باتجاه ايقاف عجلة التقدم في نفوس الشعوب الخاضعة لسلطانهم المتجبر , لتبقى على الدوام بها حاجة ماسة للعون الخارجي في ظل ارادة مسلوبة وارباك تخطيطي على مستوى التكتيك المرحلي والاستراتيجي .
اما الطامة الكبرى فتكمن في الاسلام الجديد الذي يدعو اليه المتشددون والارهابيون الذين لا دين لهم حين اختاروا الكراهية وتسقيط القيم النبيلة السامية المتمثلة في الحب ونكران الذات والسماحة , فشاعت الفتاوى التكفيرية والقتل على الهوية , واستبيح الدم الطاهر بالاحزمة الناسفة والمفخخات واللواصق .. مما يدعونا الى العودة مجددا ولمرات ومرات باتجاه آيات القرآن الكريم والسنة النبوية ووصايا الائمة الاطهار (ع) لننهل من النبع الثر المعالجات الناجحة للمشكلات التي نعانيها اليوم , معالجات ذاتية وموضوعية اساسها الحب …
وهنا اتمنى قيام وزارة للحب بين وزارات العراق الجديد الكثيرة والتي زادت فعلا عن الحاجة بحكم المحاصصة .. وزارة جديدة ينتخب لها الوزير المستقل المناسب الذي لا تحكمه كتلة سياسية ولا يعمل على تعيين المحسوبين والمنسوبين في وزارته ( وزارة الحب ) وان لا يكون شرها في الاستحواذ على المال والقصور الفارهة وضفاف دجلة والفرات بل يمكنه فقط الاستحواذ على قلوب المحبين ليعلمهم كيفية التعايش السلمي واعمار الانسان والارض فلا يأخذ عمولة من وراء الاعمار ذاك ولا تعج بلدان العالم بأرصدته من المال السحت .. تلك هي امنية , وان كانت غير قابلة للتنفيذ على ارض الواقع .. ومن حقنا ان نسرح بخيالنا الى آفاق قد يجدها بعضهم سرابا نلاحقه , ولكننا متيقنون بان الحياة لا تتوقف والولادات الجديدة لا تتوقف ايضا والآمال والطموحات لا يحدها حد ما دام هناك قلب ينبض وشهيق وزفرات , وان الاجيال الجديدة هي من سترفع راية الله اكبر وتخرس الطائفيين والشوفينيين قائلة :-
( لا للاحتراب .. نعم للحب .. نعم للبناء المخلص والجاد ) … !!