عامر القيسي*
استثمر الاسرائيليون عنترياتنا وشعاراتنا الزائفة في ستينيات القرن الماضي بالقائهم في البحر ، لكسب الرأي العام الاوروبي ، بل وحتى بعض الشرائح المتعاطفة مع الفلسطينيين ، وكان احد البوسترات الذي صنعناه من اجل القضية الفلسطينية، تحوّل الى كنز بيد الاسرائيليين لدعم قضيتهم .. كان البوستر عبارة عن جندي عربي بيده مكنسة يدوية وهو يكنس مجموعة من اليهود من الخارطة الفلسطينية ليرميهم بالبحر .. ومن وجهة النظر الانسانية والاوروبية تحديدا فهذا مخالف لكل شرائعهم الوضعية والسماوية ، وليس بامكانهم ان يتصوروا ان انسانا ما لديه القدرة على القاء مجتمع بشري بكامله الىى قاع البحر متبجحا بذلك !
وعمليات اختطاف الاجانب التي ارادها اصحاب «القضايا» للتعريف بقضيتهم وكسب الاصداء انقلبت وبالا وتحول المتعاطفون الى الجانب الآخر من الصراع .. وهكذا مع اختطاف الطائرات ومع قطع الرؤوس لنشر الاسلام .. وهكذا نجيد ببراعة ، نفتقدها في مجالات اخرى، صناعة الاعداء ، بل تحويل المتعاطف الى عدو من الدرجة الاولى..
ويبدو ان هذه العقلية متوفرة حتى في الوسط الرياضي، بالامس اعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم الشعارات التي سترفعها الفرق المشاركة في مونديال البرازيل 2014 على حافلات فرقهم في اثناء تنقلهم في مدن السامبا الساحرة كما يقال لنا ..
البرزيليون شعارهم « استعدوا ..الى السادس» اي الفوز باللقب السادس، والفريق الفرنسي «المستحيل كلمة ليست فرنسية» والاسبان «في قلبنا شغف البطولة» وتميّز فريق افريقي وهو الغاني بشعار «النجوم السود هنا لانارة البرازيل» وكان شعار الارجنتين وكولومبيا « لسنا فريقا بل بلد باكمله» والفريق البرتغالي على اما اظن «المستقبل انتهى الحاضر هو المهم» . وشعارات اخرى من هذا النوع لكل الفرق تعبر عن روح التحدي الرياضي والتواصل والشعور الوطني بل حتى بلغة شاعرية الى حد ما وواضحة الاهداف ..
اما الفريق العربي الوحيد المشارك في مونديال البرازيل فهو الفريق الجزائري الذي رفع شعارا قتاليا من الدرجة الاولى .. «محاربو الصحراء في البرازيل «!!
انتهت كل الكلمات وكل الهدايا لينتظر منّا العالم واهل الضيافة تحديدا ان نرسل اليهم «محاربون من الصحراء»..والمحاربون عادة ما يكونون في ساحات الحروب اما اذا اتوا من الصحراء فيا للغضب واذا كانوا في طريقهم الى محفل رياضي عالمي مثل مونديال البرازيل فالله يستر !!
كل هذه اللغة العريضة والطويلة والاشتقاقية وغابة الشعراءالعرب ، والجزائر بلد كتاب اللغتين وقلب المغرب العربي وسليلة الشعر العربي ، عجزت عن ايجاد عبارة تكون شعارا لفريقها القادم من بلد عانى ويعاني من التطرف والعنف والارهاب ، فنزيد الطين بلّة ونذهب كمحاربين ومن الصحراء ..!
لاحظوا الفرق بين شعارين لفريقين افريقيين «النجوم السود لانارة البرازيل» و «محاربو الصحراء في البرازيل» ..
ربما يتساءل البرازيلي ومعه الملايين ممن سيتابعون الكرنفال العالمي الرياضي للتواصل بين الشعوب..
ماذا يفعل محاربو الصحراء في محفل ستنير سماءه النجوم السود الافريقية ايضا !!