اذا كان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يعول كثيرا على مجلس مكافحة الفساد العراقي في تحقيق اختراق منظومة الفساد التي نمت وتضخمت على مدى خمسة عشر عاما فان الاحاديث والآراء والامنيات لا تكفي من اجل الوصول الى سلم النجاح وان اهداف التأسيس لهذا المجلس ستبقى بعيدة المنال من دون ان يتخذ عبد المهدي واعضاء مجلسه منهجا جديدا متفردا يتسق مع تطلعات دعاة الاصلاح والتغيير الذين مايزالون يبحثون عن ضالتهم في الوصول الى الاليات العملية والتنفيذية التي تمكنهم من اختصار المسافات واقناع الشعب العراقي بان حملتهم في مطارة الفساد والمفسدين قد اقتربت من قلاع الفساد وانها في مرحلة الاشتباك واعلان الحرب الحقيقية.
وحتى يمكن تحقيق هذا الهدف على اعضاء المجلس الموقر ان يشرعوا بفتح مئات الملفات الجاهزة التي تركت على ادراج مكاتب هيئة النزاهة وان يذهب هذا المجلس بعنوانه العريض مباشرة الى مكامن الفساد ويعيد اصدار اوامر القاء القبض بحق المتورطين بجرائم سرقة المال العام ويزج بهم في السجون من دون ان يترك فرصة لهؤلاء لتنظيم امورهم وترتيب حساباتهم ومن الغريب ان تكون فضاءات الحرية مفتوحة لشخوص الفساد الذين ادينوا بقرارات قضائية سابقة وكثير منهم يتجولون بين العواصم فيما فضل آخرون الخروج من وظائفهم واحالة انفسهم على التقاعد او مغادرة العراق والاقامة في دول اخرى واكتفت السلطة القضائية في العراق باصدار مذكرات القاء القبض عليهم التف قسم من المتهمين عليها بمساعدة سياسيين ومحامين منتفعين ليخرجوا بكفالة قانونية او جرى تسوية قضاياهم ماليا واداريا او تم تأجيلها بتواطؤ من قبل موظفين في الوزارات المختلفة ..
اليوم ونحن نشهد حراكا اداريا واعلاميا لمجلس مكافحة الفساد من خلال تكثيف عقد جلساته والاعلان عن جداول اعماله الحافل بقرارات الاطلاع والتشخيص لبعض زوايا الفساد من دون تفعيل مباشر لما يقوله وما يصرح به من نوايا يبقى الجميع ينتظر اجراءات حاسمة وقرارات فاعلة تؤكد جدية المجلس الذي يريد من ورائه السيد عادل عبد المهدي التأكيد على صدقه حينما اطلق الوعود قبل توليه رئاسة الوزراء اضافة الى ماتضمنه المنهاج الحكومي الذي جرى تأطيره بمجموعة من الالتزامات تعهد عبد المهدي ان تنجزها حكومته خلال السنوات المتبقية من عمر الحكومة ولانريد في هذه السطور ان نحبط السيد رئيس الوزراء ولا مجلسه الموقر ولكننا نرى ان خطوات من سبقه في هذا المجال لم نر منها ثمارا ولم نكسب منها انجازا لسبب مهم هو ان محاربة الفساد في العراق لم يعد ينفع فيها الحراك التقليدي ولا القرارات التقليدية وفي مقدمتها تشكيل اللجان وقد حان الوقت لتضييق الخناق على دائرة السوء مهما كان خلفها من حيتان وطواغيت .
د. علي شمخي