إيران «تتوعد» بومبيو بعد التهديدات الأميركية
متابعة ـ الصباح الجديد:
رفض قائد كبير بالحرس الثوري الإيراني التهديدات الأميركية بتشديد العقوبات على بلاده امس (الثلاثاء) قائلا، إن «شعب الجمهورية الإسلامية سيرد بتوجيه لكمة إلى فم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو».
وطالب بومبيو إيران أمس، بإجراء تغييرات واسعة ستجبرها بشكل فعلي على تقليص نفوذها العسكري والسياسي عبر الشرق الأوسط إلى شواطئ البحر المتوسط.
ونسبت وكالة «أنباء العمال» إلى نائب قائد قاعدة «ثار الله» في طهران إسماعيل كوثري قوله إن «شعب إيران سيقف صفا واحدا في وجهه، وسيوجه لكمة قوية إلى فم وزير الخارجية الأميركي وكل من يدعمهم».
وأضاف «من أنت وأميركا حتى تطلبوا منا تقليص نطاق الصواريخ الباليستية؟. التاريخ يظهر أن أميركا هي أكبر مجرم في ما يتعلق بالصواريخ بعد هجمات هيروشيما وناجازاكي».
وكان تقليص قدرات إيران الصاروخية واحدا من الأهداف الرئيسة التي تحدث عنها بومبيو.
وأكد كوثري أن الشعب الإيراني يدعم سليماني. وأضاف «سليماني ليس وحده. شعب إيران العظيم يدعمه».
ووصف بومبيو قائد العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بأنه «واحد من أكبر مثيري المشاكل في الشرق الأوسط».
ومن ناحية أخرى، قال ناطق باسم الحكومة الإيرانية إن «الخطة التي عرضها بومبيو ستفاقم العداء الشعبي للولايات المتحدة».
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن الناطق محمد باقر نوبخت قوله «هل يعتقد الأميركيون أن القفاز الحريري الذي خلعوه، واليد الحديدية التي مدوها للشعب، اليد المدعومة من إسرائيل ومن منظمة مجاهدي خلق، ستجعل الشعب الإيراني يعتقد أن أميركا تريد الديمقراطية؟».
ومنظمة «مجاهدي خلق» جماعة مسلحة معارضة منفية تدعو للإطاحة بنظام الحكم في إيران منذ عقود. وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون يدعم المنظمة التي تعتبرها الحكومة الإيرانية جماعة «إرهابية».
وضعت الاستراتيجية الجديدة التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس الاول الاثنين ، الولايات المتحدة على مسار مواجهة مع إيران، إذ حدّد 12 شرطاً للتوصل الى اتفاق جديد مع طهران، مهدداً إياها بـ «أقوى عقوبات في التاريخ» إن لم تبدّل سياساتها، ومتوعداً بـ»سحق عملاء» طهران و»حزب الله» اللبناني في العالم.
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الجيش الأميركي «سيتخذ كل الخطوات الضرورية لمواجهة النفوذ الإيراني الخبيث في المنطقة، ومعالجته»، مشيرة الى أنها «تقوّم هل تضاعف الإجراءات الحالية أو تنفذ إجراءات جديدة».
وقد يقوّض خطاب بومبيو أمام معهد «هريتدج فاونديشن» المحافظ (مقرّه واشنطن) أمس، جهود الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست عام 2015، بعدما انسحبت منه واشنطن. كما رأى مسؤول إيراني بارز في الخطاب دليلاً يثبت أن «أميركا تسعى الى تغيير النظام» في بلاده، لافتاً الى أنها «تريد الضغط على إيران للإذعان وقبول مطالبها غير المشروعة».
واعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن «العالم لا يرضى بأن تقرر الولايات المتحدة عنه، لأن الدول مستقلة»، وسأل الأميركيين «مَن أنتم لتقرروا عن ايران والعالم؟ ولّى زمن هذه التصريحات، سنمضي في طريقنا بدعم من أمّتنا». أما وزير الخارجية محمد جواد ظريف فكتب على موقع «تويتر»: «الديبلوماسية الأميركية الزائفة هي مجرد ارتداد إلى العادات القديمة: إنها رهينة الأوهام والسياسات الفاشلة، ورهينة مصالح خاصة فاسدة، تكرر الخيارات الخاطئة ذاتها، لذلك ستجني النتائج السيئة ذاتها، بينما تعمل إيران مع شركائها من اجل حلول ما بعد خروج أميركا من الاتفاق النووي».
وفي خطاب بعنوان «بعد الاتفاق: استراتيجيا جديدة لإيران»، لفت بومبيو الى انه يدرك أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي «سيثير صعوبات مالية واقتصادية لعدد من أصدقائنا».
وتابع: «أعرف أن حلفاءنا في أوروبا قد يحاولون إبقاء الاتفاق القديم مع طهران. هذا قرارهم. إنهم يعرفون أين نقف». لكنه طالبهم بـ»دعم» الاستراتيجيا، محذراً الشركات التي ستواصل التعامل مع إيران في قطاعات محظورة بموجب العقوبات الأميركية، من أنها «ستتحمّل المسؤولية». وأضاف الوزير: «لن تكون لدى ايران إطلاقاً اليد الطولى للسيطرة على الشرق الأوسط. مطالبنا لها معقولة: تخلّوا عن برنامجكم (النووي). إذا قرروا (استئنافه) وشرعوا في تخصيب (اليورانيوم)، فإننا أيضاً مستعدون تماماً للردً. أتمنّى أن يتخذوا قراراً مختلفاً ويسلكوا مساراً مختلفاً».
واعلن أن الولايات المتحدة ستمارس «ضغوطاً مالية على النظام الإيراني تُعتبر سابقة»، مع «أقوى عقوبات في التاريخ»، مستدركاً ان ذلك «مجرّد بداية». وأضاف: «ستصبح العقوبات أكثر إيلاماً، إذا لم يغيّر النظام مساره، من الطريق غير المقبول وغير المنتج الذي اختاره لنفسه ولشعب إيران». وتعهد «ملاحقة عملاء ايران ورديفها حزب الله في العالم، لسحقهم» واتهم طهران بأنها آوت قياديين في تنظيم «القاعدة» على أراضيها.
وشدد على أن واشنطن لا تعتزم «إعادة التفاوض» على الاتفاق النووي، محدّداً لائحة من 12 شرطاً لإبرام «اتفاق جديد»، بينها أن توقف طهران كل تخصيب لليورانيوم وتغلق مفاعل آراءك للماء الثقيل وتكشف الأبعاد العسكرية لبرنامجها الذري سابقاً، وتتيح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية دخولاً غير مشروط إلى كل المواقع في البلاد.
وأضاف ان على ايران أيضاً كبح برنامجها الصاروخي، مشدداً على ضرورة ان تسحب «كل قواتها» من سورية وتنهي دعمها الحوثيين في اليمن وتنظيمات «إرهابية»، في إشارة الى «حزب الله» ومجموعات أخرى. كما طالبها بوقف تهديد إسرائيل وإطلاق «جميع المواطنين الأميركيين» الذين تحتجزهم بـ»اتهامات زائفة».
وأقرّ بومبيو بأن الشروط الـ 12 «قد تبدو غير واقعية»، مستدركاً أنها مطالب «أساسية».
وأعلن استعداد واشنطن للتفاوض مع طهران على «اتفاق جديد» أوسع بكثير، ولكن أكثر صرامة من اجل «تغيير سلوكها». وأضاف: «في مقابل القيام بتغييرات كبيرة في إيران، فإن الولايات المتحدة مستعدة لرفع كل العقوبات وإعادة كل العلاقات الديبلوماسية والتجارية معها ودعم اقتصادها». وشدد على أن ذلك لن يحدث إلا بعد «تطورات ملموسة يمكن التحقق منها مع مرور الوقت». وختم: «في نهاية الأمر، على الشعب الإيراني اختيار قادته».