دواوين الإدارات الحكومية في بغداد في القرن الثالث الهجري

طارق حرب
البنية الادارية لبغداد في القرن الثالث الهجري, التي تمثل الدوائر الحكومية في تلك الفترة وهي الدواوين التي تمثل الجهاز الاداري الحكومي وهي اشبه ما تكون بالوزارات في يومنا هذا حيث تتولى الدواوين الاعمال الادارية في الدولة العباسية من مقرها في بغداد لكون بغداد عاصمة الدولة العباسية تضم دار الخلافة ودار الوزارة والدوائر الاخرى أي الدواوين ومن هذه الدواوين ديوان الخراج الذي يتولى تسجيل جميع الاراضي المملوكة للدولة وكيفية استغلالها وتصنيف الاموال الواردة الى هذا الديوان وتنظيم قوائم بالحسابات المتعلقة بكل صنف من اصناف اموال بيت المال ويحتوي هذا الديوان على عدة مجالس منها مجلس الحسابات الذي يرأسه الجهبذ الذي يشرف على الاعمال وتدقيق الحسابات والسيطرة على الاموال فهو اشبه بوزارة المالية وديوان الرقابة المالية حالياً.
وتبدو اهمية ديوان الخراج وكبر مسؤولياته كونه المورد الرئيسي للأموال التي تحتاج اليها الدولة حيث كان مقدار الخراج في بغداد خمسي الحاصل كما قدره الخليفة المأمون وتشير القوائم الى ان مقدار الخراج زمن الرشيد كان اكثر من خمسمائة مليون درهم وتظهر القوائم السنوية التي تولى رئيس ديوان الخراج تقديمها الى الخليفة بانها مقسمة على جبايات الواردات متعددة منها جباية السواد اي بغداد وما جاروها وجباية المشرق الواردات التي ترد من فارس وما بعدها وجباية المغرب أي الاموال الواردة من مصر وما يليها وكذلك يتولى هذا الديوان كالرواتب والاعشار واي مورد اخر لديوان الخراج حيث يتم فرض ضريبة العشر المفروضة على المزروعات وعلى الموال التجارية الواردة والصادرة من والى الدولة ورسوم الجوالي اي الضريبة التي يدفعها اهل الذمة وتسمى الجزية واموال الصدقة والزكاة واخماس الغنائم التي كانت تغتنم في الحروب وضرائب الطواحين والحوانيت والاسواق واجور العرصات والمستغلات .
والديوان الثاني في بغداد ديوان النفقات حيث يتولى نفقات دار الخلافة والدواوين الاخرى والمصالح العامة وجميع المبالغ التي تتولى الدولة انفاقها وفي هذا الديوان مجالس متعددة منها مجلس الجواري الذي يتابع نفقات المرتزقة ورواتبهم ومجلس الانزال لمحاسبة المتعهدين الذين يجلبون الارزاق لدار الخلافة كاللحم والخبز والكسوة والسلاح ومجلس الكراع الذي يتولى شراء المواشي والابل للدولة ومجلس البناء الذي مهمته الاشراف على المباني التي تعود ملكيتها للدولة ومحاسبة المهندسين والنجارين والبنائين والانفاق على بناء المدن والمساجد والاسوار وحفر الانهار ومجلس بيت المال الذي يتولى تنظيم حسابات يوان النفقات والديوان الثالث في بغداد ديوان بيت المال ومهمته الاشراف على ما يرد لبيت المال من الاموال وما يخرج من بيت المال من اموال كالنفقات وفيه اقسام هي الخزانة والافداء وخزانة السلاح وكان هنالك بيت مال الخاصة وهو بيت مال الخليفة اي واردات ضياع الخليفة واملاكه ,وثانيها بيتا المال اي خزانة مال الدلة وكان يدار عادة من قبل الوزير او من بيده مقاليد ادارة الدولة والديوان الرابع في بغداد ديوان الجيش مهمته تصريف امور الجند ويتألف من مجالس عديدة منها مجلس التقدير اي استحقاقات الرجال وتقدير ارزاقهم واحصاء النفقات التي يجري صرفها على الجيش ومجلس المراقبة الذي يتولى مراقبة كفاءة الجند ورفع مستوى التدريب وكان لصاحب ديوان الجيش اهمية خاصة فقد كان يعهد اليه احياناً قيادة الجيش والديوان الخامس في بغداد ديوان المظالم الذي يتولى النظر في شكاوى الناس ضد رجال الحكم واحياناً قد يتولى الديوان الخليفة كما حصل بالنسبة للخليفة المهدي حيث تولى ديوان المظالم واحياناً يقوم بهذا الديوان الوزير وكان صاحب الديوان يعمل خلاصات لكل ما يتقدم من شكاوى لكي تعرض على الخليفة وتولى ديوان المظالم احياناً النساء فقد تولته السيدة شغب ام الخليفة المقتدر وتولته القهرمانة (ثمل) في زمن هذا الخليفة وكان هنالك ديوان البريد والسكك والطرق حيث يقوم صاحب هذا الديوان بمراقبة العمال والتجسس على الاعداء وتوصيل اخبار الولاة والعمال الى الخليفة ونقل اوامر الخليفة الى الجهات في الدولة كافة .
وهنالك ديوان المواليد وهو الديوان المسؤول عن اموال من مات وليس له وارث حيث تنتقل امواله الى بيت المال واعتمد الخلفاء احياناً على اموال هذا الديوان في سد النقص الذي يعانيه بيت المال وانشئ هذا الديوان زمن الخليفة المعتمد لكن الخليفة المعتضد ابطله كديوان لأنه يضم عدداً كبيراً من الموظفين الذي يتقاضون رواتب كبيرة وكان هنالك ديوان الرسائل التي تجري فيه كتابة العهود والتقليدات وصاحب هذا الديوان يجب ان يكون قديراً في فنون المكاتبات ومن تولى هذا الديوان الجاحظ والواقدي وكتب البغدادي قدامة بن جعفر اعداد نماذج من الرسائل كعهد بولاية قاض او عهد بتقليد الصلاة او عهد بولاية البريد وسوى ذلك من المكاتبات وهنالك ديوان القص أي ديوان تسلم الرسائل والتقارير وفتحها ورفعها الى الخليفة وهنالك ديوان التوقيع الذي يتولى التعليق على الطلبات والمعاريض (العرائض) والقصص والرقع وهنالك ديوان الخاتم ودواوين كثيرة اخرى حسب متطلبات الحاجة الادارية للدولة العباسية وكانت هذه الدواوين تزداد احياناً وتتقلص احياناًاخرى حسب ظروف الدولة .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة