صادق باخان *
هل يعقل ان يظل العراق ساحة يعربد فيها الارهابيون من شتى الاصناف يدمرون الجسور ويغرقون القرى ويهجرون الناس من منازلهم ويحتلون جامعة الانبار ويحتجزون عشرات الطلبة وهم يتهيأون لاداء امتحاناتهم فضلا عن محاصرة سامراء كأنهم يرغبون باحياء سيناريو قيام زعيم تنظيم القاعدة في العراق ابو مصعب الزرقاوي بتفجير مرقدي الامامين العسكريين لتشتعل حرب اهلية اخرى كالتي اشتعلت في المدة 2004 – 2006 ؟
هل يعقل هذا كأن اعداء العراق باتوا يقهقهون ويقولون – اجل يعقل هذا بعد ان صار العراق مزرعة بلا نواطير بجيش لا يملك سوى مدافع رشاشة وبضع طائرات مروحية وسيارات للشرطة في حين ان دول الجوار بخاصة دول مجلس التعاون الخليجي صارت تمتلك ترسانات من الاسلحة الاستراتيجية والبالستية غداة قيامها التوقيع على صفقات شراء الاسلحة من الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وبريطانيا ومع ذلك فانها تعمل بكل السبل على ان لا يحصل العراق على اسلحة متطورة يدافع بها عن سيادته وامنه وأمن شعبه مختلقة كل الحجج والمبررات الكاذبة والملفقة عن ان النظام العراقي الجديد سيقوم ببناء ترسانة ضخمة من الاسلحة ليعيد احياء زمن الحروب والغزو مع ان العراق اكد مراراً وتكراراً بأنه غادر زمن الحروب والعنتريات وانه يجنح للسلم والتعاون ويدعو الى عدم التدخل في شؤون الاخرين ويبدو ان ذلك لا يقنع الاخرين ويصرون على ان يظل العراق مزرعة بلا نواطير وخان اجغان .
والمثير في الامر ان الدول الغربية باتت تصدق الاكاذيب التي تتولى دول الجوار تسويقها عن العراق الجديد وتمتنع عن تزويده بالاسلحة ولكن يبدو ان الولايات المتحدة الاميركية التي تربطها بالعراق اتفاقية استراتيجية تم التوقيع عليها غداة انسحاب قواتها باتت تصحو من غفلتها وبأن الارهاب من المحتمل جداً ان يضربها من جديد مثلما فعل حين شن هجماته في الحادي عشر من ايلول 2001 .
وكان من الطبيعي ان تلجأ الولايات المتحدة الى تفعيل اتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة بين بغداد وواشنطن والتي اكد عليها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي في اثناء لقائه الاخير مع الرئيس الاميركي السيد باراك اوباما وجاءت حصيلة الزيارة وتزايد خطر الجماعات الارهابية ان سمح الكونغرس للادارة الاميركية بتزويد العراق بعشر طائرات مروحية من نوع اباتشي وبصواريخ هيل فاير وطائرات استطلاع من طراز سكاي ايغل فضلا عن تدريب قوات عراقية خاصة في الاردن كواحد من سبل الدعم للحكومة العراقية وهي تخوض حرباً ضد الجماعات الارهابية .
وفي غمرة الصحوة الاميركية باتجاه تزويد العراق بالاسلحة للدفاع عن أمنه وأمن شعبه فقد اعلن السفير العراقي لدى الولايات المتحدة السيد لقمان فيلي بأن العراق سيتسلم اول طائرة من نوع اف 16 وان عدة طائرات مقاتلة جديدة سيتم نقلها للعراق قبل نهاية العام 2014 واوضح السفير العراقي في حديث صحفي بان الحكومة الاميركية تقدر الحالة الطارئة وحجم التحدي الذي يواجهه العراق في حربه المستمرة والمتصاعدة مع المجاميع المسلحة وتعرف ايضاً انه كلما كانت عملية تجهيز العراق بالقدرات المطلوبة اسرع واوسع ازدادت قدرة العراق على قتل الارهابيين وايقاف القتل اليومي .
وكانت الولايات المتحدة قد قدمت معدات عسكرية اخرى للعراق تقدر بمليارات الدولارات من ضمنها طائرات نقل عملاقة وطائرات هيلوكوبتر وصواريخ وزوارق حربية ولا يقتصر الامر على الولايات المتحدة في تزويد العراق بالاسلحة بل لجأت الحكومة العراقية الى تنويع مصادر التسليح فعقدت صفقة مع روسيا الاتحادية يتم بموجب الصفقة تجهيز العراق بعشر طائرات مروحية هجومية من طراز نايت هنتر بكامل اسلحتها ومعداتها .
هكذ اذن تتوضح الصورة في ان العراق حر في خياراته وحر في تنويع مصادر تسليحه لكنه لا يسعى ليصبح من جديد مصدر ازعاج وتهديد لجيرانه وانما ليدافع عن سيادته وأمنه وأمن شعبه وعن خياراته بأن يصبح انموذجاً للديمقراطية برغم صعوبة هذا الاختيار في منطقة تعيش تحت ظلال انظمة عشائرية وقبلية تعد النظام الديمقراطي سلعة مستوردة من الغرب ( الكافر ) وهي تختنق من منتجات هذا الغرب في رفاهيتها وهي تستلقي بين ظلال الشموع والنبيذ واكثر بأن العراق ليس مزرعة بلا نواطير يأتيه من هب ودب ليزرع الفوضى فيه ويشعل الحرائق في مدنه وانما له شعب يدافع عن ارضه بأسنانه ليظل حراً ابياً لا يركع الا لخالقه .
*من اسرة تحرير الصباح الجديد