“مَكتب البريد” لـ “بوكوفسكي”.. بترجمة ريم غنايم

عن دار الجمل

بيروت- الصباح الجديد:

عن دار الجَمل، صَدرت حديثًا (2014) ترجمة رواية “مَكتب البريد” للأديب الأميركيّ تشارلز بوكوفسكي (1920-1994). تُعدّ الرّواية التي ترجمتها وقدّمتها الشاعرة والمترجمة الفلسطينيّة ريم غنايم، أولى الروايات التي يتناولُ فيها بوكوفسكي سيرتَه الذاتيّة، والتي تعرضُ لمرحلة عمله موظّفًا في مكتب البريد عبر شخصيّة البطل هنري تشيناسكي.

تغطّي الرواية، كما تقول المترجمة في تقديمها للرواية، أعوامًا من حياة بوكوفسكي: من عام 1952  حتّى استقالته من مَكتب البَريد عام 1955، ثم عودته في عام 1958 حتّى عام 1969. وفي هذه الأعوام، نكتشف حياة بوكوفسكي كما عاشها: علاقات نسائيّة، سباقات خيل، عالم الكحول والجنس والتشرّد والوحدة، الخدمة البريديّة، وأحداث مجنونة، تارةً فكاهيّة سوداء مرحة، وتارةً مأساويّة غارقة في الألم، حيث يسرد تشيناسكي-بوكوفسكي تاريخ علاقته مع مصلحة البريد على مدار سنوات، وضمنها نتعرّف على عالمٍ متكامل الأطراف، يعجّ بالفضائح، والبيانات والأسرار.

تتطرّق المُترجمة في تقديمها المطوّل للرّواية، إلى خصائص الكتابة الأدبيّة لدى بوكوفسكي، وتحاولُ الكشف عن المكنونات النفسيّة والعوامل الاجتماعيّة الّتي صقلت هذه الكتابة الرّوائيّة والشعريّة والقصصيّة الجريئة، فتقول:  “مَكتب الَبريد هي أوّل أعماله الرّوائيّة التي تناولت جزءًا من سيرته الذاتية، وهي أول رواية من سلسلة روايات رسم فيها “بوكوفسكي” حياة هنري بأسلوب نثريّ ابتكاريّ بسيط كبساطة شعر بوكوفسكي. حقّقت الرواية شعبية كبيرة في  جميع أنحاء العالم، وقد ترجمَت إلى خمس عشرة لغة”.

يسرد بوكوفسكي عبر بطله هنري تشيناسكي تاريخ علاقته مع مصلحة البريد على مدار سنوات، وضمنها نتعرّف على عالمٍ متكامل الأطراف، يعجّ بالفضائح، والبيانات والأسرار. من علاقاته الإشكاليّة مع المؤسسة ومع مرؤوسيه في الخدمة، وعرضه لنماذج متنوّعة من الموظّفين: هذا بادوفيل، وذاك متثاقف، وثالث نصّاب، فضلاً عن جحيم علاقاته الجنسيّة والنّسائيّة الفاشلة، وَوَلعه بالوحدة، والشّرب، والتّسكّع.

ينجح الكاتب في هذه الرّواية في تحويل الواقع الرّتيب والعَمل القاتل للوقت في مكتب البريد إلى موضوع مثير لكتابة رواية، وهذا هو أكبر إنجاز حقّقه في مشروع كتابة هذه الرّواية. يتعامل بوكوفسكي، مع الواقع الرّتيب بطريقة مكثّفة، باردة، ساخرة، يصف أحلك المشاهد وأكثرها حزنًا على عجل، ويتأنّى في وصف أكثر الأشياء رتابةً، ولعلّ هذه الصّفة في الكتابة هي ما تجعل منه أحدَ أكثر الكتّاب إثارةً وخصوبةً. ويفاجئ بوكوفسكي القارئ، كما تقول المترجمة، ويتركه متعطّشًا، فيضحك فجأةً، ويشتم فجأةً، ويصمت في الأحداث التي تتطلّب منه ردّ فعل. إنه ببساطة كاتب على عكس كلّ التوّقعات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة