عصابات منظمة تزيّف «نقوداً واطئة القيمة» عبر الحدود وقضاة يشكون من تعارض قانوني في محاسبة المتورطين

محتالون بـ»جنسيات عربية مزورة» يروجون لعملات أوروبية منتهية الصلاحية

بغداد – إيناس جبار:

افاد قضاة بأن عمليات تزييف النقود تستهدف العملات القليلة القيمة، معللين ذلك بقلة جودة الورق الرسمي المستعمل فيها، وفيما اكدوا ان بعض العصابات المنظمة تقوم بهذه الجرائم بصورة مجزأة عبر البلدان، لفتوا الى القبض على مجموعة محتالين يروجون لعملات اوروبية منتهية الصلاحية.

وقال القاضي فتحي الجواري إن «تزييف العملة يخضع لأساليب متطورة وجديدة مع مرور الزمن مستفيداً من وسائل الطباعة الحديثة ما يفاقم من خطورة هذه الجريمة ويصعّب عملية كشف العملات المزورة من قبل المتخصصين قبل المواطن الاعتيادي».

وذكر الجواري، الخبير القانوني الأقدم أن «نفاذ هذه الجريمة مرتبط بمجموعة من الخبراء المتخصصين بفن الرسم والتصوير والخط والحفر وصولا إلى مروجيها قبل ختمها».

ويعد الجواري «التزييف جريمة دولية تنفذها عصابات منظمة لأنها تحتاج الى تخطيط وترتيب مسبق للتنفيذ الذي يتولاه أشخاص عدة، كل بحسب دوره».

وكشف ان «الوقائع تدل على أن المتورطين فيها من جنسيات مختلفة ويتم التزييف في دولة ما، أما الاستعمال يحصل في دولة أخرى».

ويرى الجواري ان «أغلب الفئات المزورة هي الـ(-1000 5000) دينار لان الورق المستعمل فيها رسمياً ليس ذا جودة عالية ويمكن خرقه من محترفي التزييف ويساعد في ذلك عدم إبداء المواطن أهمية في تدقيقها لقيمتها المنخفضة».

ويؤشر الجواري «بعض حالات النصب التي يقوم بها أشخاص يدعون أنهم من جنسيات عربية حاملين معهم عملات من بلاد أوروبا الشرقية تبين في وقت لاحق انها منتهية الصلاحية في التداول».

وقال ان «الدور هنا يكون للبنك المركزي الذي يمكنه إصدار نشرة تعريفية بالعملات الاجنبية المعتمدة حالياً إضافة لتلك منتهية التداول».

وزاد «قد يلجأ البعض خلال تغيير العملة بضخ نماذج مزورة في السوق مستغلين عدم رواجها في السوق».

وبرغم ذلك، يلفت الجواري الى «بعض الصعوبات التي تكتنف عمل مزوري العملات من خلال الوصول الى ورق تكون جودته قريبة من ذلك المستعمل رسمياً في طباعة النقود».

واضاف ان «الفئات الكبيرة قد يصعب تزويرها لان تكلفة العملية تتجاوز سعرها النقدي».

من جانبه يقول قاضي تحقيق الكرادة عماد عبد الله ان «جرائم تزييف العملة عالجتها المواد 280-285 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 التي تناولت جريمة التزوير».

وتابع ان «المادة 280 تناولت عقوبة السجن المفتوحة التي تصل الى 20 عاماً لكل من زيف او قلد عملة معدنية او ذهبية او فضية بنفسه او غيره ويكون تزييفها عن طريق انقاص وزنها او جعلها شبيهة بالعملة الحقيقية كصنعها بمادة تشبه الفضة».

وزاد عبد الله «اما المادة 281 فجاءت عقوبتها السجن بمدة لا تقل عن 10 سنوات- 20 سنة وهي تشمل كل من زور او قلد سندات مالية او اوراقا نقدية او اوراق عملة مصرفية معتمدة عراقية او أجنبية وتطبق العقوبة نفسها على جميع العملات المتداولة قانوناً او عرفاً للمتعامل بها او من قصد ترويجها» . 

واستطرد عبد الله «في ما يخص المادة 282 وهي من المواد ذات العقوبة المشددة فهي تسهم في زعزعة الائتمان في العملات العراقية الداخلية والخارجية واغلب مرتكبيها هم شبكات او عصابات تتكون من أكثر من ثلاثة أشخاص وتكون عقوبتها السجن المؤبد».

واوضح قاضي تحقيق الكرادة ان «المادة 283 وهي عقوبتها السجن او الغرامة او كليهما لكل من تعامل بعملة او اوراق نقدية منتهية التداول في حين خصت المادة 284 العملة المعدنية المقلدة او المزيفة لكل من تعامل بعد ان تبين زيفها وهي تعتبر من اكثر الجرائم المنتشرة» .

ونوه بان «المادة 285 نصت عقوبتها بالحبس مدة 6 اشهر لكل من زيف عملة مشابهة ومتداولة قانونا وعرفا في العراق او كانت متداولة او معروفة لاسباب او اغراض ثقافية او صناعية او تجارية» .

ويجد عبد الله ان هناك «إشكالا تشريعياً وتعارضا بين قانوني العقوبات والبنك المركزي العراقي رقم (56) لسنة 2004 المعدل النافذ والذي نص في المادة (52) كل شخص متعمد الغش ويقوم بترويج النقود المزيفة باستعمالها كنقود اصلية او تصدير النقود المزيفة خارج العراق تكون جناية يعاقب عليها بغرامة (100) مليون او حبس عشر سنوات او كليهما».

وذكر ان «هذا النص يتعارض مع قانون العقوبات بخصوص المادة العقابية فالحبس عقوبته من ثلاثة أشهر الى خمس سنوات والسجن عقوبته من خمس سنوات الى المؤبد او الاعدام فعبارة الحبس لا تتوافق مع السجن والعقوبة وهنا الاشكال فعندما تحال الى محكمة الجنايات فانها تطبق قانون العقوبات». 

وخلص عبد الله الى ان «هذه الافعال تنضوي تحت الجرائم الاقتصادية وهي من اختصاص مديرية الجريمة الاقتصادية في حالة تزييف عملات كبيرة».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة